وأما ما زعمه من أنّ الآيات تدلّ على وجود الجزاء ، لا على وجوبه .
ففيه : إنها إذا دلّت على وجوده ، فقد دلّت على وجوبه إذا كان ثواباً .
وعلى كونه حقاً جائز الاستيفاء إذا كان عقاباً ؛ لأن عنوان الجزاء للشخص إنّما يكون على الحق ، له أو عليه ، وإلا كان في الثواب تفضلاً محضاً لا جزاء ، وفي العقاب ظلماً صرفاً لا جزاء .
وإذا ثبت الحقِّ للعبد على المولى في الثواب ، وجب جزاؤه وكان تركه ظلماً.
وإذا ثبت الحق للمولى على العبد في العقاب كان له استيفاؤه منه والعفو عنه ، وتكون الزيادة عليه ظلماً.
قال سبحانه : ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) (١) .
وقال تعالى : ( وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) (٢) .
وقال تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) (٣) .
وقال تبارك وتعالى : ( وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) (٤) ز
وقال سبحانه : ( وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) (٥)
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ١٦٠ .
(٢) سورة الجاثية ٤٥ : ٢٢ .
(٣) سورة آل عمران ٣ : ٢٥
(٤) سورة النحل ١٦ : ١١١ .
(٥) سورة البقرة ٢ : ٢٧٢ .