إلى كثير من الآيات الكريمة .
وبالجملة : قد دلّت الآيات التي ذكرها المصنف رحمهالله على ان الثواب جزاء للعبد عمّا عمل من الخير فيكون حقاً له.
والعقاب جزاء له على ماعمل من الشرّ فيكون حقاً عليه ، فيثبت استحقاق العبد للثواب والعقاب.
ودلّت الآيات الأخر التي أشرنا إليها على أنه لو لم يوف العبد ثوابه بمنعه أو نقصه ، كان ظلماً له ، وأنه لو زيد في عقابه على ما يستحقه ، كان ظلماً له .
وقد خالف الأشاعرة نصوص الكتاب ، فأنكروا استحقاق الثواب والعقاب ، كما خالفوا العقل أيضاً (١) .
أما بالنسبة إلى الثواب ، فلحكم العقل بقبح التكليف المشتمل على المشقة من غير عوض ؛ لأنّ المولى لا يكلّف عبده عوضاً عمّا أنعم عليه ، لقبح طلب الجواد الغني جزاء نعمه من عبده .
وحينئذ فلو كلّفه ، لزم أن يجعل له عوضاً ، وإلا فقد أدخل عليه المشقة بلا عوض ، وهو قبيح وظلم ، كما نطقت به الآيات.
وأجاب الفضل بما حاصله : أنّه يكفي في رفع القبح وجود العوض وإن لم يجب .
وهو خطأ ؛ لأنه إذا سُلّم توقف ارتفاع القبح على وجود العوض ، فقد لزمه القول بوجوبه ؛ لأن ما يتوقف عليه زوال قبح التكليف يكون واجباً مع التكليف لا محالة .
__________________
(١) انظر : محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين : ٢٨٣ ــ ٢٨٤ ، وراجع ٣ / ١٦١ ــ ١٦٢من هذا الكتاب.