وأمّا بالنسبة إلى العقاب ؛ فلأن المولى إذا لم يجعل العقاب على المعاصي ، يلزم الإغراء بالقبيح ــ وهو المعاصي ؛ لأن لنا ميلاً إليها ، فلو آمننا المولى من العقاب عليها فقد أغرانا بالقبيح ، ولأن جعل العقاب لطف ، إذ مع العلم به يرتدع المكلّف المعصية ، واللطف واجب.
وأجاب الفضل عن الأوّل : بمنع الإغراء ، مستدلاً بأنه لا إغراء في قولنا : كل الخبز تشبع مع عدم وجوب الشبع .
وفيه : إنّه غير مرتبط بالمدعى فإنّ المدعى حصول الإغراء مع عدم جعل العقاب على المعصية ، والفضل يجيب بعدم الإغراء مع حصول الثواب بدون وجوبه ، وهو خبط.
وأجاب عن الثاني : بمنع وجوب اللطف ، إذ لا يجب على الله شيء ، وقد أبطلناه مراراً (١) .
وأما ما زعمه من معارضة المصنف رحمهالله ببيان معتقدات الإمامية فكذب ، أو تهويل بالألفاظ المجردة .
أمّا قوله : «يجب عليه حقوق العباد وهو مديون لهم» فهو بمنزلة التعبير عن قوله تعالى : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) (٢) بأن للعباد عليه حق الرحمة ، وهو مديون لهم ، وأي بأس فيه ، لو لا التهويل الصوري ؟ ! والوجوب عليه سبحانه كما يكون بكتابة الشيء على نفسه يكون بمقتضى عدله.
وأما قوله : « وله شركاء في الخلق» ، فكذب ظاهر ؛ إذ لو لزم الشرك بمجرّد نسبة الفعل إلى العبد ، لزم ــ أيضاً ــ بالقول : بالكسب ، بناءً على أن
__________________
(١) راجع : ٢ / ٢٥٣ ومواضع أخرى من هذا الكتاب
(٢) سورة الأنعام ٦ : ٥٤ .