تدري ما أحدثوا بعدك » (١) .
فاتفق العلماء أن هذا في أهل الردّة الذين ارتدوا بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم كانوا أصحابه في حياته ثم ارتدوا بعده ، ويدلّ عليه الأحاديث والأخبار التي سيذكر بعد ذلك.
ولا شك أن هذا لم يرد في شأن جميع أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالإجماع ؛ لأنّ فيهم من لم يتغيّر ولم يبدل بعده بلا خلاف ، فهو من أهل النجاة بلا نزاع .
فإن أريد به : من بدل بعض التبديل ولم يبلغ الارتداد ، فليس في الأصحاب إلا من بدل بعض التبديل فرجع الوعيد إلى الأكثر ، فلزم أن لا يهتدي لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا نفر معدود في كل عصر من عصر من الأعصار ، وهذا ينافي ما ذكره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من كثرة أمته يوم القيامة ، وأنّه يباهي بهم الأمم ، كما ورد في صحاح الأحاديث (٢) .
وإن أُريد به : التبديل إلى حدّ الكفر ، فهو عين المدعى ، فلزم من هذه المقدّمات أنّ هذا الحديث وأمثاله في هذا الباب واردة في شأن أهل الردّة كما قاله العلماء .
***
__________________
(١) انظر صحيح البخاري ٩ / ٨٣ ذيل الحديث ٢
(٢) انظر : كنز العمال ١٦ / ٢٧٧ ح ٤٤٤٤٢ .