وكذا لا تبطل الموالاة بسؤال الرحمة عند آيتها ، والتعوذ من النقمة عند آيتها ، ولا بفتح المأموم على الإمام ، ولا بالحمد على العطسة ، للأمر بذلك كله. فالاشتغال بها عند عروض أسبابها لا يجعله قادحا فيها. قال حذيفة : صليت خلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات ليلة ، فقرأ سورة البقرة فكان إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ (١).
ولو أخل بالموالاة سهوا ، لم تبطل قراءته وبنى ، بخلاف ما لو نسي القراءة ، فإنه يأتي بها في محلها ، لأن الموالاة هيئة في الكلمات تابعة لها ، فإذا ترك القراءة فقد ترك التابع والمتبوع. وإذا ترك الموالاة ، فقد ترك التابع دون المتبوع ، فكأن النسيان عذر هنا بخلاف ذلك. إذ لا يلزم من جعل النسيان عذرا في أضعف المعتبرين ، جعله عذرا في أقواهما.
السادس : يجب الإتيان بكل حرف ، لأن الفاتحة عبارة عن الكلمات المنظومة المركبة من الحروف المسموعة ، فقوله عليهالسلام « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » (٢) يقتضي إيقاف الصلاة على جملتها ، والموقوف على المجموع يعدم عند عدم بعضه ، لتقدم الجزء على الكل في الوجود. فإذا أخل بحرف واحد عمدا ، بطلت صلاته.
والتشديد حرف ، فلو خفف مشددا فقد أخل بحرف ، لأن المشدد حرفان متماثلان أو لهما ساكن ، فإذا خفف أسقط أحدهما. وفي الحمد أربعة عشر تشديدا. ولا تستحب المبالغة في التشديد بحيث يزيد على قدر حرف ساكن ، لأنه في كل موضع أقيم مقام حرف ساكن.
السابع : يجب إخراج الحروف من مواضعها مع القدرة ، فلو أبدل حرفا بحرف فقد ترك الواجب. وإبدال الضاد بالظاء من هذا الباب كغيرهما من الحروف. فإن فعل ذلك عمدا ، بطلت صلاته. والجاهل غير معذور ، أما من لا يمكنه التعلم والناسي ، فإنهما معذوران.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ ـ ٧٥٣ ما يشبه ذلك.
(٢) جامع الأصول ٦ ـ ٢٢٣.