ومعلوم قطعا أنّ التحليل حقيقة في رفع الحرام ، والحرام والحلال متضادّان متنافيان بالبديهة ، ألا ترى أنّه بعد التسليم يستحبّ أن يكون المكلّف على هيئة الصلاة مستقبل القبلة طاهرا من الحدث والخبث غير متكلّم ولا آت بشيء من منافيات الصلاة؟ فالبقاء على حال الصلاة بعنوان الاستحباب يكون بعد التسليم قطعا ، ولا محلّل بعد ذلك ولا يمكن ، وحال قبل التسليم وبعد الصلاة حال بعد التسليم عند القائل باستحبابه في ارتفاع الحرمة وحصول الحلّية ، وتحصيل الحاصل من المحالات بالبديهة.
وبالجملة : القول باستحباب التسليم يقتضي ما ذكرناه ، وأدلة القول بالاستحباب أيضا يقتضي ذلك ، ولا دليل لهم سواها ، وسيجيء تمام الكلام في الشرح الآتي.
وممّا يدل على الوجوب أو يؤيّده أمرهم عليهالسلام في الأخبار بالتسليم قبل صلاة الاحتياط فيما إذا شكّ المصلي بين الثنتين وما زاد (١) ، لأنّ الاحتياط معرض لأن يكون تتمّة الصلاة إذا اتفق وقوعها ناقصة ، بل وإذا ذكر النقصان أيضا بعد الاحتياط ، ولا يجوز أن يتحقّق السلام في أثناء الصلاة مع عدم الاضطرار إليه ، سيّما في صورة الشك بين الثنتين والأربع ، وقد ورد في الأخبار أنّ البناء على الأكثر والإتيان بالاحتياط من أنّه لو كانت تامّة تكون هذه نافلة ، ولو كانت ناقصة تكون تتمّتها (٢) ، فتأمّل جدّا.
وممّا يؤيّد أيضا الأمر بقضاء الأجزاء المنسية بعد التسليم (٣).
وممّا يدل ورود الأمر بالتسليم في أخبار لا تحصى بلغت مبلغ التواتر
__________________
(١) انظر الوسائل ٨ : ٢١٢ ـ ٢١٩ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ١١.
(٢) الوسائل ٨ : ٢١٩ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١١.
(٣) الوسائل ٨ : ٢٤٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٦.