ظاهر هذه الإضافة وحقيقتها كونها للجنس ، لأنّ لفظ المصدر اسم لجنس المصدر وطبيعته من حيث هي هي ، من دون خصوصية فرد ، لأنّ خصوصيته أمر زائد عن مفهومه. والإضافة في الإشارة والتعريف وكون الجنس منحصرا في شيء إفادتها للحصر أظهر من أن يخفى. مع أنّه مر عن الشارح رحمهالله أنّ العهد الذهني يخرج كلام الحكيم عن الفائدة ، والخارجي موقوف على سبق معهود (١).
ومما ذكر ظهر فساد الاعتراض الذي ارتكبه صاحب الذخيرة من أنّ التحليل يتحقّق بفعل المنافي للصلاة وإن كان ذلك الفعل حراما ، فحينئذ لا بدّ من تأويل التحليل بالتحليل الذي قرّره الشارع ، وحينئذ كما أمكن إرادة التحليل الذي على سبيل الوجوب أمكن إرادة التحليل الذي قرّره على سبيل الاستحباب ، وليس للأوّل على الأخير ترجيح واضح (٢). انتهى.
وفيه : أنّ التحليل عبارة عن شيء يحلّل فعل المنافي ، لأنّ الحرام ليس إلاّ الفعل المنافي ، وهو المحتاج إلى ما يحلّله شرعا ، وظاهر المحلّل الشرعي للفعل المنافي والمتبادر منه أنّه غير المنافي.
على أنّا قد أشرنا إلى تشنيع جميع العلماء على أبي حنيفة لجعل المنافي داخلا في تحليل الصلاة ، حتّى أنّ الحنيفة أيضا وقعوا في الخزي والخجالة والفضيحة من هذه الشنيعة ، ورجع بعضهم عن مذهبه ، واختار مذهب الشافعية لخصوص هذه الشنيعة ، وما قدر الباقون الذبّ عنه (٣).
وأيضا تحليل الصلاة غير تخريب الصلاة وإبطالها ، فإنّ الظاهر منها
__________________
(١) لاحظ المدارك ٣ : ٣٤٨.
(٢) الذخيرة : ٢٩٠.
(٣) انظر وفيات الأعيان ٥ : ١٨٠.