في هذه الرسالة ما لا يرضى المتأمّل أن ينسب إلى جاهل ، فضلا عن العاقل ، فضلا عن الفقيه ، فضلا عن الشهيد رحمهالله فإنّه ما كان يرضى أن ينسب الفسق إلى المجاهر بالفسق ، فكيف يحكم بفسق علمائنا وفقهائنا العظام ، الزهاد الكرام ، الثقات العدول بلا كلام ، أمناء الله في الحلال والحرام ، وحجج الله على الأنام بعد الأئمّة ، المتكفّلين لأيتامهم ، والمؤسّسين لشرعهم وأحكامهم ، والمروّجين لحلالهم وحرامهم ، وعليهم المدار في الدين والمذهب في الأعصار والأمصار ، الراد عليهم كالرادّ على الله (١) ، إلى غير ذلك ممّا ورد عن الله ورسوله والأئمّة عليهالسلام حيث قال ـ بعد التوبيخ والتقريع والتشنيع والتفظيع ـ : فليحذر الذين يخالفون عن أمره (٢) ، إلى آخره.
مع انّ الفقهاء في زمانه ومقلّديهم وسائر الشيعة ما كانوا متمكّنين من صلاة الجمعة من جهة التقيّة ، ولذا كان هو أيضا لا يصلّي الجمعة ، ومن كان متمكّنا منها أكثرهم كانوا يصلّونها لكونها واجبة عندهم وإن كان بالوجوب التخييري ومستحبّة عندهم عينيّا ، ومن لا يصلّي لأنّه كان يعتقد الحرمة ، فكيف يمكنه فعل الحرام؟ وكيف يتأتّى منه قصد القربة؟ فما ندري أنّ تشنيعه على أيّ جماعة وأي شخص؟.
على أنّا لا ندري أنّ الأمر الأوّل الذي أصابهم ما ذا؟ فإن كان المحنة والشدّة من أعدائهم فليست تلك إلاّ بتمسّكهم بحبل أوليائهم عليهالسلام ، وإلاّ فلم يصبهم أمر يكون ذلك بسبب ترك صلاة الجمعة ، بل الذي قال
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٣٦ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١ بتفاوت يسير.
(٢) رسائل الشهيد الثاني : ٥٦.