هذا من الفروض العقلية ، وإلاّ فبحسب العادة كيف يتيسّر العلم؟ نعم ربما يحصل الظن ، وفي كونه حجّة إشكال ، لعدم دليل على الحجّية ، والأصل والعمومات تقتضي عدمها ، ويظهر من كلام الشارح أيضا أنّ الظنّ غير معتبر ، حيث قال : لعدم جزم كلّ منهما.
على أنّه معلوم أنّ المعتبر العلم بالسبق حين النية والتكبير ، وهذا لا يمكن تحقّقه إلاّ في صورة صدور جمعة كلّ واحد من الطائفتين بمحضر الأخرى ، وحصل للسابقين اليقين بعدم تمامية جميع شرائط الجمعة ومقدّماتها للاّحقين ، فحينئذ دخول السابقين في الصلاة حرام ، لكونه مفوّتا للواجب الذي هو تحصيل الوحدة في الجمعة في ما دون ثلاثة أميال ، لأنّ الجمعة فرض على السابقين واللاحقين جميعا ، وكلّهم مخاطبون بتحصيل الوحدة التي هي شرط وهي واجبة كما هم مخاطبون بإتيان الجمعة ، وليس الخطاب بتحصيل الوحدة مختصّا بطائفة دون طائفة ومكلّف دون مكلّف ، فإذا بادر طائفة بالدخول فيها فربما لم يتيسّر للآخرين الدخول معهم ، فيصير المبادرة منشأ لترك الفريضة التي هي أشدّ الفرائض ، مع ما عرفت من توجّه الخطاب بتحصيل هؤلاء المبادرين أيضا ، فيجب عليهم عدم المبادرة وتحصيل الوحدة بأن يتفق هؤلاء مع اللاّحقين. ولو فرض أنّ إمام اللاّحقين صار فاسقا بتركه إطاعة الأمر بالوحدة يكون مشترك الورود ، لأنّ إمام السابقين أيضا تركها.
لا يقال : لعل كلّ واحدة من الطائفتين لا يعتقد بإمام الأخرى.
لأنّا نقول : إن كان واحدة منهم يحكم ببطلان صلاة غيرهم يخرج عن فرض المسألة ، لأنّ ما نحن فيه وقوع جمعتين صحيحتين عند الكلّ لولا السبق والمسبوقية ، ولذا لم تتعيّن صحة صلاة طائفة منهما إلاّ بالسبق ،