لأنّ ذلك مرتبة العصمة ، ولأنّهم يقولون بجواز التخلّف قطعا ، وأنّ العادل ربما يصير فاسقا ، وأنّه بمجرّد التوبة يرجع إلى العدالة ، كما هو الظاهر منهم.
وإن حمل على أنّها بحيث يستبعد التخلّف فيرجع إلى حسن الظاهر ، إلاّ أنّهم اعتبروا المعاشرة الباطنية ، ولعل نظرهم إلى أنّه تعالى أمر بالتبيّن في خبر الفاسق (١) ، والفسق خروج عن الطاعة واقعا ، فلا بدّ من العلم بعدم الفسق إن أمكن ، وإلاّ فما هو أقرب إلى العلم.
وفيه منع كون الفاسق ما ذكر ، لما عرفت ، ولملاحظة شأن نزول الآية ، مع أنّه يقتضي عدم الاكتفاء بشهادة العدلين في ثبوت العدالة ، مع أنّ المشهور يكتفون بالعدل الواحد في خبر الواحد.
هذا مضافا إلى ما عرفت وستعرف من الأدلة على عدم الحاجة إلى المعاشرة الباطنية ، بل والمنع عنها وحرمتها ، وتمام الكلام في بحث الشهادات.
قوله : ويستفاد من هذه الرواية أنّه يقدح في العدالة. ( ٤ : ٦٩ ).
وهذه الرواية ـ مع أنّها وقع فيها اختلاف واضطراب من حيث إنّ الشيخ نقلها بتغيير وتفاوت (٢) ـ تتضمّن أمورا تخالف إجماع الشيعة :
الأوّل : أنّها ظاهرة في وجوب الجماعة وعدم التخلّف عن الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين إلاّ من علّة ، هذا لمن هو جار للمسجد ، وأمّا وجوب الجماعة فمطلقا ، لاحظ تتمّة الرواية التي لم يذكرها الشارح.
__________________
(١) الحجرات : ٦.
(٢) التهذيب ٦ : ٢٤١ / ٥٩٦ ، الاستبصار ٣ : ١٢ / ٣٣.