وأمّا تقدير الموجب في الثاني مع كونه خلاف الأصل فلكونه أظهر في إفادة الحكم والثمرة في المقام ، فتأمّل.
ثم لا يخفى أنّ قول المنتهى : لا سهو في السهو ، ليس مضمون حديث ، إذ الوارد في حسنة حفص : « ولا على السهو سهو » ولا جائز أن يكون المراد نفس السهو في الموضعين ، إذ لا معنى لأن يقال : ليس على نفس السهو نفس السهو ، إلاّ بتقدير حكم نفس السهو فيصير كذبا ، ولا جائز أيضا أن يكون المراد من الأوّل نفس السهو ومن الثاني موجبه أو تداركه أو حكمه وما يؤدّي هذا المعنى ، إذ يصير كذبا قطعا ، فتعيّن أن يكون المراد فيهما معا الموجب والتدارك ، ولا جائز أن يكون المراد في الأوّل الموجب وفي الثاني نفس السهو إلاّ بتأويل يرجع إلى المتقدّم.
وأمّا مرسلة يونس الآتية فهكذا : « ولا سهو في سهو ، وليس في المغرب والفجر سهو ، ولا في الركعتين الأولتين من كل صلاة ، ولا في نافلة » الحديث. هذا بعد القدر الذي نقله الشارح رحمهالله ويظهر من السياق أنّ المراد من السهو الأوّل موجبة وتداركه ، فيكون المراد من الثاني أيضا الموجب والتدارك موافقا لما في الحسنة. ولا جائز أن يكون المراد في الثاني نفس السهو ، إذ يصير كذبا إلاّ بتأويل يرجع إلى المتقدّم.
فالحقّ ما ذكره العلاّمة لا القائل المذكور ، لأنّه ليس مفاد عبارة الحديث ، ولا كلام ، بل مفاد عبارة أخرى ، وهي أنّه : لا سهو في السهو الكائن في السهو ، فتأمّل.
ويظهر من مرسلة يونس ظهورا تامّا أنّ المراد من السهو هو الشكّ أو الأعمّ بالتقريب الذي ذكر ، فتأمّل ، والأحوط قصر الحكم في الشكّ ، والله يعلم.