البيت ورجعت إلى منى فأتمّ الصلاة تلك الثلاثة أيّام » وقال بإصبعه ثلاثا ، إذ جواب المعصوم يحتمل أن يكون تكذيب فقهاء أصحابه وتصديق ما ورد من أنّه يتمّ الصلاة ولو واحدة ، كما فهمه الشارح رحمهالله.
لكن على هذا لا يبقى لقوله رحمهالله : « ومتى توجّهت. » معنى ولا وجه له ، لأنّ المسافر إذا أتمّ الصلاة من غير نيّة الإقامة بل بمحض أنّ له التخيير كيف يتمّ الصلاة في رجوعه إلى منى؟ فإنّ منى غير داخلة في مكّة ، ومع ذلك كيف يتمّ في رجوعه إليها خاصّة؟ مع أنّ الأخبار صريحة في وجوب القصر في منى على أهل عرفات (١).
ويبعّد هذا أيضا أنّه عليهالسلام كيف كان يكذّب فقهاء أصحابه بالتعليل الذي ذكره؟ إذ ليس ذلك علّة واستدلالا. فيحتمل أيضا أن يكون مراده عليهالسلام تصديق فقهاء أصحابه ، وأنّ مراده أنّه يتمّ الصلاة بأن ينوي الإقامة ، ولذا قال : « قد علمت فضل الصلاة فيهما فأحبّ لك أن لا تقصّر » إذ يظهر من التعليل أنّ الإتمام باختيارك وأنت تعلم هذا المعنى فأحبّ لك أن تختاره ، فلو كان مراده ما ذكره الشارح رحمهالله كان المناسب أن يقول : الحق مع تلك الرواية والفقهاء أخطأوا ، وأين هذا من ذلك الجواب؟ ويصح على هذا أيضا الإتمام بمنى حال الرجوع إليها ، لأنّها من توابع مكّة ، ومكّة موضع الإقامة ، ومن نوى الإقامة في موضع يتمّ الصلاة في توابعه أيضا ، على ما سيجيء ، فلاحظ وتأمّل جدّا.
وربما يظهر ممّا ذكر وجه التوجيه للصدوق رحمهالله فتأمّل.
( على أنّ ظاهر هذه الصحيحة استحباب الإتمام ، لقوله عليهالسلام : « قد
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٦٣ أبواب صلاة المسافر ب ٣.