فكلّ متّصف بصفة تعلّق به حكم في مبدأ الشرع ثمّ ارتفعت عنه ، ارتفع الحكم عنها بارتفاعها ، وإذا عادت عاد معها ، إلا أن يعيّن الشارع لها وقتاً خاصّاً ، كصفة الكيل والوزن بالنسبة إلى الربا ، فإنّ الصفتين لا اعتبار بهما وجوداً وعدماً إلا ما كان منهما في أيّام سيّد الثقلين صلىاللهعليهوآله ، فإذا علم الحال هناك بُني عليه ؛ وإن جهل رجع الأمر إلى ظاهر العادة حينئذٍ.
البحث الخامس
في أنّه كما يجب في مصطلح التخاطب اتّباع اللغة كائنة ما كانت في وضع الموادّ وتركيب المفردات وكيفيّة تركيب المركّبات ؛ كذلك يلزم اتّباعها في كيفيّة الاستعمالات والمواقع.
فلا يستعمل ولا يقع اللفظ إلا على نحو ما عُيّن أو تعيّن له بوضع لفظٍ شخصي (١) للفظٍ أو معنىً شخصيّين أو نوعيّين ، أو نوعيّ للفظ أو معنى نوعيّين دون الشخصيّين كما يظهر من التتبّع ، أو بنحو من الإذن والرخصة.
والمعهود في اللغة العربيّة الصحيحة والمحرّفة وغيرها من اللغات استعمال اللّفظ في معنى حقيقي أو مجازي على الانفراد ؛ لا في مجازيّين ولا في حقيقيّين ؛ لا بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز ، ولا في مختلفين ؛ لا في إفراد ولا في غيره ، في غير الأعلام الشخصيّة ؛ فإنّ الجواز فيها مبنيّ على ظهور إرادة الاسميّة.
حتّى أنّ المستعمِل على هذا النحو يُنكر عليه في جميع اللغات غاية الإنكار ، وحكم اللغة كحكم الشرع توقيفيّ يكفي في الحكم بنفيه الشكّ في ثبوته ، وما يظنّ من ذلك فمن عموم المجاز في الحقيقتين أو المجازين أو الحقيقة والمجاز.
ولو أجزنا ذلك لتداخلت أنواع الكلمة نوع بنوع في الأنواع الثلاثة ، وصفة المشتق والجامد في اللفظ الواحد ، والمفرد بقسيميه ، وأحد قسيميه بصاحبه ، والمشتقّات
__________________
(١) في هامش الحجريّة زيادة : أو نوعيّ للفظ شخصيّ أو نوعيّ ، أو معنى متشخّص في نفسه بنفسه كذا أو بالمرآة ، أو نوعيّ ، أو بنحو الإذن.