وإيجاب الإيجاد ضدّ لتجويز الترك ، وتجويز الترك ضدّ لإيجاب الإيجاد ، ونفي أحدهما مفهوم من إطلاق الأخر ، فالأمر بالفعل منع للترك الراجع إلى الأمر بالفعل ، والنهي عنه أمر بالترك الراجع إلى النهي عن الفعل ، فيكون كلّ منها بأقسامها مدلولاً تضمّنيّاً للاخر ، أو شبهه ، وعلى كلّ حال هو من الدلالة اللفظيّة الصريحة.
ولا تضادّ بين معدومين ، ولا بين موجود ومعدوم خاليين من ربط سببيّة أو شرطيّة ، ولا بين فعلين متغايرين ، ما لم تكن بينهما مضادّة من جهة الخصوصيّة.
فقد ظهر ممّا مرّ أنّ محبّة فعل الشيء وطلبه بأيّ عبارة كانت من أيّ لغة كانت على وجه الوجوب أو الندب ، وبغضه وطلب تركه بأيّ عبارة كانت على وجه التحريم أو الكراهة بعد تسمية خلاف السنّة كراهة تقتضي خلافه من الضدّ العام ، فيمشي في الأحكام الأربعة.
وأمّا الإباحة فالحكم بها على الشيء حكم على ضدّه.
وتلحق به الأضداد الخاصّة الشبيهة بالعامّة من جهة المقابلة التامّة ، كالحركة والسكون ، والقيام والقعود والتكبّر والخضوع ، والكلام والصمت ونحوها.
وأمّا الأضداد الخاصّة الوجوديّة الصرفة فالأمر بأحدها قاضٍ بالنهي عن ضدّه (١) ، قضاءً لفظيّاً على نحو المقدّمة.
وقد يفهم بعض الأضداد الخاصّة بخصوصها لشدّة المعاندة والمضادّة ، إذ النهي عن الضدّ أمر بتركه المتوقّف فعل الواجب عليه ، فيكون النهي إذن راجعاً إلى بيان التوقّف ، وحرمة الموقوف عليه لا تسري إلى الموقوف.
فلو توصّل بالسلّم الحرام مثلاً أو الراحلة الحرام ونحوها بعد شغل الذمّة إلى الغايات لم ينافِ صحّتها.
وتعلّق الأمر بمتضادّين ابتداء غير ممكن ، للزوم التكليف بالمحال.
ولو أتى بفرد من الموسّع في وقت المضيّق الذي لم يقم فيه دليل التخصيص صحّ ، أمّا ما قام فيه دليله كرمضان لصومه ووقت صلاة الفرائض اليومية مع الضيق لغيرها من
__________________
(١) في «ح» زيادة : على وجه العموم.