عن عهد الأئمّة عليهمالسلام ، ولا سيّما بعد وضع الكتب المشتملة على جمع الأخبار المتعارضة المتدافعة.
فكلّ مأمورٍ عمل مع العلم بذلك من دون ذلك لم يكن مطيعاً للأمر ، ولا سيّما مع تنصيصه على أنّ كلامه فيه ذلك.
ولو جوّزنا العمل بالعامّ لم يبق للشريعة نظام ، ولاستغنينا بالكتاب ، بل ببعض عموماته أو بعض عمومات الأخبار ، بالنسبة إلى الأحكام في الحلال والحرام عن مراجعة السنّة ، ولكان وجود الأدلّة الخاصّة وجمعها والبحث عنها غير محتاج إليه.
ولأنّ المدار في جميع الأحكام على العلم ، ثمّ الظنّ الأقوى فالأقوى ، فيلزم تحصيل أقوى الظنون ، ومدار الحجيّة على ذلك ، والسيرة القاطعة والإجماع محصّلاً ومنقولاً (١) والأخبار المتواترة معنىً في ذلك (٢) أبين شاهد على ذلك.
ولأنّ حقيقة الاجتهاد لا تقوم إلا به.
والاستناد إلى عموم الحجّيّة في العمومات والمطلقات من الكتاب والسنّة بعد ارتفاع قوّة الظنّ باحتمال المخصّص والمقيّد ، كالاستناد إليه بعد العثور عليهما.
والفرق بين من كان في زمان المشافهة وأرباب الأُصول وغيرهم واضح. ولا يجب الاستقصاء في ذلك ، بل المدار على حصول المظنّة المعتبرة بعدمه ، واعتبار العلم معلوم العدم.
والظاهر اختلاف الحال باختلاف الأحوال ، فيطلب ممّن كان يتيسّر عليه النظر في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب ذلك ، ومن كان في مكانٍ خالٍ من العدّة ، أو كان لا يتيسّر عليه تحصيلها في محالّها اكتفى بمقدوره ، ويطلب مع ضيق الوقت أقلّ ممّا يطلب مع سعته.
ولو تعذّر عليه البحث عن المخصّص لفقد الآلات عمل بالعام ، ويتسرّى الحكم إلى
__________________
(١) انظر معالم الأُصول : ١٨٩.
(٢) انظر الكافي ١ : ٤٠ ح ١ ٥ ، والوسائل ١٨ : ٩ أبواب صفات القاضي ب ٤.