والظاهر أنّ جواز تقليد المجتهدين المتعدّدين في مسائل متعدّدة مقطوع به من تتبّع السيرة ، فلا يحتاج إلى تقليد في عبادة واحدة أو متعددة صلاة واحدة أو غيرها مع عدم التنافي.
وأمّا العدول من تقليد مجتهد إلى آخر في مسألة خاصّة بعد صدق اسم التقليد عَمِلَ أو لم يَعمَل فغير جائز ، إلا إذا قلّد المجوّز ؛ لأنّ حكمه دائميّ مطلقاً لا مقيّد ، فالعدول عنه ردّ عليه ، وهو ردّ على الله تعالى ؛ ولأنّه دخل في حلال محمّد (ص) وحرامه ، وهذا يجري في تقليد الحيّ ، ثمّ يموت.
كما لا يجوز تقليد المفضول مع العلم بمذهب الفاضل ، ومع التساوي لا حاجة إلى التقليد في التخيير.
وإذا تعارض الخصمان قُدّم الأفضل ، فإن تساويا قدّم اختيار المدّعى بعد الحضور عند الحاكم وطلبه ، وقبله يجيء حكم التداعي ، وفي التداعي يتخيّر ، وبعد التعارض يقترعان.
وإذا دار الأمر بين أمرين نظريّين بطل العمل من كلّ من العاملين إذا لم يأخذا عن تقليد ، كصلاة الظهر والجمعة ، والصلاة قصراً وتماماً لمن قصد الأربعة ذهاباً وإياباً ، وصلاة التمام والقصر في مواضع التخيير ، ونحو ذلك.
ويجوز للواسطة الإفتاء من غير استناد ؛ لأنّه أخذ عن دليل وحجّة ، فهو كالمفتي.
ويقوى إلحاق رواية المجتهد برواية الإمام ، في تعديل ، وتضعيف ، وتحسين ، وتوثيق ، وإرسال ، وإضمار ، وقطع ، ووقف ، وغير ذلك ؛ فما هو حجّة فهو حجّة ، وفي صورة تعارض النقلة بعض مع بعض ، وتعارضهم مع الكتاب يجري فيه نحو تعارض الأخبار.
ورجوع المجتهد إلى مجتهد آخر وإن كان أفضل على وجه التقليد غير جائز على وفق القاعدة ، ورجوعه لانسداد الطريق العلمي ، وحصول الظنّ بقوله ، وفي السنن ؛ للاكتفاء بمطلق الظنّ أو لعدّه راوياً ليس من التقليد.