من لم يبلغ الوصول إلى تلك الرتب ، كمحمّد صلىاللهعليهوآله سيّد العرب ، أمّا من لم يكن في جبّته غير الله فليس عليه صيام ولا صلاة.
فالحمد لله الذي أعطاكم أنبياء متعدّدين ، وأَبان غَلَطنا في أنّ محمّداً صلىاللهعليهوآله خاتم النبيّين ، والشكر لله الذي بعث إليكم رسلاً لا يعرفون أصلاً ولا فرعاً ، فلو سألت أكبرهم عن أفعال الشكّ لتحيّر ، أو عن أحكام السهو لما تدبّر ، أو عن بعض الفروع الفقهيّة لوجدتموه جاهلاً بالكلّية.
وعلى كلّ حال فلكم الهناء ، وقد بلغتم من معرفة الدين كلّ المنى ، ونحن لنا عليكم حقّ يجب عليكم فيه الأداء ، ولا يتمّ ذلك إلا بإرسال هؤلاء الأنبياء ، ليعلّمونا كما علّموكم ، ويفهّمونا كما فهّموكم ، لنصل إلى بعض ما وصلتم إليه ، ونقف على بعض ما وقفتم عليه. حلواى تنتنانى تا نخورى نداني (١).
فأقسمت عليكم بالله أن تطعمونا من هذه الحلواء التي ما ذاقها الأنبياء ، ولا الأوصياء ، ولا العلماء من المتأخّرين والقدماء ، ولا وصفت أجزاؤها في كتاب منزل ولا على لسان نبي مرسل.
فإمّا أن لا يكونوا علموها ولا وصلوا إليها ولا فهموها ، أو وجدوها حلواء ميشومة ، بأنواع السمّ مسمومة ، تقتل آكليها بحرارتها ، وتقطع أمعائهم لشدّة مرارتها.
والله إنّي أُخبرت واختبرت أهل هذه الأقاويل ، فوجدتهم بين من يسلك هذه الطريقة ليتيسّر له تحصيل ملاذّ الدنيا : من النظر إلى وجوه الأمرد الحسان ، والتوصّل إلى ضروب العصيان ، وبين من يريد جلالة الشأن وليس من أهل العلم حتّى ينال ذلك في كلّ مكان ، فيدلّس نفسه في اسم طاعة الرحمن ، وبين ناقص عقل قد امتلأ من الجهل.
وإلا فكيف يخفى على الطفل الصغير فضلاً عن الكبير السيرة النبويّة ، والطريقة المحمّديّة والجادّة الإماميّة ، حتّى يشتبه عليه التدليس ، وما عليه إبليس وجنود إبليس؟! اللهم إنّي أنذرت ، اللهمّ إنّي أخبرت ، اللهمّ إنّي وعظت ، اللهمّ إنّي نصحت ، فلا تؤاخذني بذنوب أهل خوي وأمثالهم يا أرحم الراحمين» (٢).
__________________
(١) من الأمثال الفارسيّة بمعنى : من لم يذق لم يدر.
(٢) مقدمة منهج الرشاد : ٣٤.