(فلم أتمكّن من ذلك ؛ لشغل البال ، وتشويش الفكر واضطراب الخيال) (١) إلى أن دخلتُ في مملكةٍ صفا فيها (بالي ، واستقرّ بحمد الله فيها فكري وخيالي ، حيث) (٢) رأيت العلماء قد ارتفع مقدارهم ، وغلت بعد نهاية الرخص أسعارهم ، بأيّام دولة فاق ضوؤها ضوء القمر ، وانجلت في أيّامها الغبرة عن وجوه البشر (٣) الدولة المحميّة بحماية ملاك القضاء والقدر ، وبشفاعة خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد سيّد البشر (الدولة الفائقة ما تقدّمها من الدول أو تأخّر) (٤) التي شاع صيتها في جميع الممالك (دولة القاجار لا زالت محميّة بعين الله من كلّ بؤس وضرر. وقد تمّت لطائف النعم ، وعمّ السرور جميع الأُمم) (٥) بانقياد أزمّة الدولة السلطانيّة ، والمملكة العظيمة الخاقانيّة ، لصاحب الهمّة العليا ، الموفّق لخير الآخرة ونعيم الدنيا (٦) ذي السيف البتّار ، والرمح النافذ في قلوب الكفّار ، والمتضعضع لهيبته سكّان الفيافي والقِفار ، ومَن حلّ في السواحل أو في جزائر البحار (٧).
له في الحرب وثبة الأسد الغضنفر ، وفي محلّ الإمارة نور الروض إذا أزهر ، إذا تكلّم تبسّم ، وإن أجاب كان جوابه نعم ، إذا رأيت خُلقه وطبعه السليم ، قلت «ما هذا بَشَراً ، إِنْ هذا إِلّا مَلَكٌ كَرِيمٌ».
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : وحيث كنت في أرض كثرت همومها ، وتزايدت على مرور الزمان غمومها ، ولم يكن فيها من يشتري العلم من أهله ، ولا من يفرّق بين العالم في علمه والجاهل في جهله ، فتأخّرت في إجابته ، ولم أُبادر في جواب مسألته.
(٢) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : ذهني ، وارتفع بحمد الله عند حلولي فيها همّي وحزني ، حيث لم أرَ فيها شاكياً ولا شاكيةً ، ولا باكياً ولا باكيةً ، بل رأيت جميع الرعايا بين داعٍ وداعية و.
(٣) في «ح» زيادة : دولة أدام الله أيّامها وقوامها ، على رغم أنف من طغى وفجر ، وتجبّر وتكبّر ، وما آمن بل كفر.
(٤) في «س» ، «م» :. دولة الطائفة الفائقة من تقدّم من السلاطين ومن تأخّر.
(٥) بدل ما بين القوسين في «ح» : وأطراف الأرض دولة القجر ، لا زالت محميّة بحماية الله من كلّ بؤس وضرر. ثمّ قد تمّت لطائف النعم ، وشمل السرور جميع طوائف العرب والعجم.
(٦) في «ح» زيادة : صاحب الآراء السديدة ، والمكارم العديدة ، والأخلاق الحميدة.
(٧) في «ح» زيادة : إن جالس العلماء كان مقدّمهم ، أو اختلى بالوزراء كان مدرّسهم ومعلّمهم ، إن عارض رأيه الآراء كان رأيه الصائب ، أو خالف فكره الأفكار كان فكره الثاقب ، حتّى أنسى أياساً وذكاءه ، وحاتماً وسخاءه ، والسموأل ووفاءه ، والأحنف وحلمه ، والمنصور وحزمه ، وكعباً ورياسته ، والنعمان وسياسته ، وعنتراً وشجاعته ، وفاق على الإسكندر في الرأي والبأس ، وعلى الريّان في العزم والحدس.