وعلى كل حال إن النفوس لا تريد أن تحكم إلا بما شاءت وطبق رغبتها ، ولا تود أن يسيطر عليها إلا من تهواه وتميل إليه من رجالها المخلصين وأبنائها البررة ...
والأمم اليوم لم يأت لها الوقت أن تدقق فيه المبادىء فتختار أحسنها ، وأن تراعي الإدارات فتنتقي خيرها ... فلا تزال تنظر إلى الطوابع الخاصة والعلائم الفارقة فلا لوم عليها أن تحزن وأن يذكر شعراؤها المصاب ...
فاض على لسان شعرائها ما كان يشعر به الكل. فهلاكو لم يغير في الإدارة ولا في رجال الحكومة إلا قليلا ولكنه بدل السلطة وغير الرأس (رأس الحكومة) وإن كان أبقى الشرائع على مجراها وترك الشؤون تجري بمقتضى حالتها ... بعد أن انتهب خزائنها وأموالها وقتل في نفوسها ...
ولا محل لإيراد جميع ما قيل من شعر عن هذه الحادثة وما ولدته من ضجة في العالم الإسلامي وإنما أكتفي بما قيل إثر المصاب قال شمس الدين محمد بن عبد الله الكوفي الواعظ :
بانوا ولي أدمع في الخد تشتبك |
|
ولوعة في مجال الصدر تعترك |
بالرغم لا بالرضى مني فراقهم |
|
ساروا ولم أدر أي الأرض قد سلكوا |
يا صاحبي ما احتيالي بعد بعدهم |
|
أشر عليّ فإن الرأي مشترك |
عزّ اللقاء وضاقت دونه حيلي |
|
فالقلب في أمره حيران مرتبك |
يعوقني عن مرادي ما بليت به |
|
كما يعوق جناحي طائر شرك |