ومما قاله أيضا :
يا عصبة الإسلام نوحوا واندبوا |
|
أسفا على ما حل بالمستعصم |
دست الوزارة كان قبل زمانه |
|
لابن الفرات فصار لابن العلقمي (١) |
ولهذا الشاعر مراث أخرى في خراب بغداد وانقراض الخلفاء (٢).
وما قاله غيره من هذا النوع كثير ومن هؤلاء سعدي الشيرازي فقد أبدى تألمه لهذا الحادث الجلل بما نظمه في العربية والفارسية ...
ولم يكن أثر هذه الوقعة مقصورا على موقع ، أو مختصا بزمن وإنما أثر في نفوس شعرائنا في عصور مختلفة ومواطن عديدة فلا نرى فائدة في ذكرها سوى إعادة الأسى وتحريك الأشجان وتهيج الأحزان ، مما لا يفيد في التربية والسجايا القويمة بل ذلك لم يكن شأن الرجال ، والعاقل من فكر في طريقة الخلاص دون أن يستولي اليأس على قلبه ويأخذ القنوط منه مأخذه ... والمطلوب تعمير المغلوبية ، استفادة مما حدث بأن ننهض من الكبوة لا أن نجعل البكاء دينا والندب ديدنا ...
ولا ينكر أن المرء تفيض نفسه ، وتشتد آلامه وأحزانه من عظم المصاب ، أو ينفد صبره ويظهر أثر ذلك على لسانه أو وجهه.
وهذا الرصافي ابن عصرنا يتوجع لهذه القارعة ويتألم لها قال :
هو الدهر لم يرحم إذا شدّ في حرب |
|
ولم يتئد إما تمخض بالخطب |
__________________
(١) «ر : تاريخ الفوطي والشذرات ص ٢٧١».
(٢) «ر : ص ٢٣٧ وص ٢٣٨ من ج ١ فوات الوفيات».