وكان الوزير ختنه (زوج أخته) وضيق على جميع أكابر بغداد وطلب منهم مالا كثيرا بحيث إن الرجل منهم إذا ظن فيه أنه يملك ألف دينار طلب منه ألف دينار. ثم بعد مصادرة هؤلاء الأكابر والأعيان وأخذ أموال جميع البلاد انضم إلى هؤلاء لفيف من المفسدين والمعتدين وكل المتمردين وانقطعت بذلك الدروب وخيفت السبل وسدت الطرقات وصار كل واحد يتوقع المهالك ويترقب المصائب ...
وفي هذه الآونة صال السلطان ازبك على المملكة بجيشه طامعا في السيطرة كما أن علي باشا قصد العاصمة لعين الغرض وبأمل الاستيلاء. فرأى الوزير أن دفع السلطان ازبك اولى بالاهتمام فلا جرم أن ارپاخان توجه بعساكره الجمة وتقدم نحو جيش ازبك فأنفذ هذا شيخ زاده بن پروانه إلى الوزير للمفاوضة معه في الأمر. وقال له :
إننا من نسل جنگيزخان ونحن من عصبة أبي سعيد وقد توفي وليس له وارث غيرنا فميراثه يعود لنا فكيف تمنعوننا إرثه وتسلمون مملكته إلى غيرنا وتجلسونه على سرير الملك ظلما وأنتم تعلمون؟!
فقال الوزير :
أما قولكم عن ازبك فأظهر من الشمس. وأما صلاح نفسه وسلامة نيته فأبين ما يكون واتصال نسبه بجنگيزخان معلوم لا شك فيه ولا شبهة ولكن جنگيزخان في حال حياته قسم مملكته على أولاده فصارت تلك الممالك بأسرها إلى السلطان ازبك وأصوله فانحصرت فيهم وهي لا تزال بأيديكم لا ينازعكم فيها أحد إلا ظلما وعدوانا. وأما هذه المملكة فإنها لأولاد تولي خان وصلت الآن من السلطان بعهد منه ووصية فلا يجوز للسلطان ازبك أن ينازعهم فيها وعلى كلّ الخصم حاضر مطاع في ملكه مقبول القول في عسكره ، له شوكة وقوة فلا يمكنني أن أواجهه بذلك وإنما اتكلم بما جرى فضولا ...