في تركه تطهيرا للسان عنه ، أو تطهيرا له عن لسانك ، وإما للقصد إلى عدم التصريح ؛ ليكون لك سبيل إلى الإنكار إن مست إليه حاجة ، وإما لأن الخبر لا يصلح إلا له حقيقة ، كقولك : خالق لما يشاء ، فاعل لما يريد ، أو ادعاء ، وإما لأن الاستعمال وارد على تركه ، أو ترك نظائره ، كقولهم : خ خ نعم الرجل زيد ، على قول من يرى أصل الكلام : خ خ نعم الرجل هو زيد ، وإما لأغراض سوى ما ذكر ، مناسبة في باب الاعتبار بحسب المقامات لا يهتدي إلى أمثالها إلا العقل السليم ، والطبع المستقيم ، وقلما ملك الحكم هناك شيء غيرهما ، فراجعهما في مثل (١) :
قال لي كيف أنت قلت عليل ... |
|
سهر دائم وحزن طويل |
كيف تجد الحكم إذ لم يقل : أنا عليل ، وفي مثل قوله ، حين شكا ابن عمه فلطمه ، فأنشأ يقول (٢) :
سريع إلى ابن العمّ يلطم وجهه ... |
|
وليس إلى داعي النّدا بسريع |
حريص على الدنيا مضيع لدينه ... |
|
وليس لما في بيته بمضيع |
حيث لم يقل : هو سريع ، وفي مثل قوله (٣) :
سأشكر عمرا إن تراخت منيّتي ... |
|
أيادي لم تمنن وإن هي جلّت |
__________________
(١) البيت من الخفيف ، ولم أعثر على قائله ، وهو في دلائل الإعجاز غير منسوب ١٨٤ ، والمعاهد (١ / ١٠٠) والإيضاح (١ / ٣٢ ، ٥٦).
(٢) البيتان من الطويل وهما للمغيرة بن عبد الله الملقب بالأقيشر الأسدي ؛ لحمرة وجهه ، شاعر ماجن وصّاف للخمر ، مدمن لها ، توفى سنة ٨٠ ه وهما في المعاهد (٣ / ٢٤٢) والإيضاح (١ / ٣٣) بلا عزو ، ودلائل الإعجاز ٩٩.
(٣) البيتان من الطويل وهما لعبد الله بن الزبير الأسدي يمدح عمرو بن عثمان بن عفان في شعره (١٤٢) ، ونسبهما في الحماسة البصرية (١ / ١٣٥) إلى عمرو بن كميل ، وهما في ديوان إبراهيم بن العباس الصولي في الطرائف الأدبية (١٣٠) وفي التبيان للإمام الطيبي (١ / ١٤٧).