المجاز أن يكون مكان الحكم الأصلي فيه معلوما بنفس العقل ، كما في : خ خ أنبت الربيع البقل ، بل إن استعان في علمه بذلك بأمر غير الوضع ، كما في خ خ هزم الأمير الجند ، وخ خ كسا الخليفة الكعبة ، جاز ، ولم يخرجه عن كونه عقليا ؛ لكن الأليق إطلاق اسم العقلي على الأول ، واسم الحكمي والإثباتي على الثاني.
صور المجاز العقلي :
واعلم أن هذا المجاز ، لرجوعه إلى الحكم ، واستدعاء الحكم محكوما به ومحكوما له ، واحتمال كل واحد منهما الحقيقة الوضعية والمجاز الوضعي ـ لا يزال يتردد بين أربع صور لا مزيد عليهن :
١ ـ إما أن يكون المحكوم به والمحكوم له حقيقتين وضعيتين.
٢ ـ وإما أن يكونا مجازين وضعيين.
٣ ـ وإما أن يكون المحكوم به حقيقة وضعية ، والمحكوم له مجازا وضعيّا.
٤ ـ وإما بالعكس.
من هذا مثال الأولى قولك : خ خ أنبت الربيع البقل ، وخ خ شفى الطبيب المريض ، وخ خ كسا الخليفة الكعبة ، وخ خ هزم الأمير الجند ، فالمحكوم له ، وهو : الربيع ، والطبيب ، والخليفة ، والأمير ، كل منها حقيقة وضعية مستعملة في مكانها الوضعي ، والمحكوم به ، وهو : إنبات البقل ، وشفاء المريض ، وكسوة الكعبة ، وهزم الجند ، كل من ذلك حقيقة ، أيضا ، وضعية مستعملة في مكانها الوضعي ، لا مجازا ، لا في مجرد الحكم ، كما ترى.
ومثال الثانية قولك : خ خ أحيا الأرض شباب الزمان ، وخ خ سر الكعبة البحر الفياض ؛ المحكوم له وهو شباب الزمان والبحر الفياض مجازان وضعيان والمحكوم به وهو : إحياء الأرض ، ومسرة الكعبة ، مجازان أيضا وضعيان ، ونفس الحكم في المثالين مجاز عقلي.
ومثال الثالثة : خ خ أنبت البقل شباب الزمان ، وخ خ كسا الكعبة البحر الفياض ، ومثال الرابعة : خ خ أحيا الربيع الأرض ، وخ خ سر الخليفة الكعبة.
واعلم أن هذا المجاز الحكمي كثير الوقوع في كلام رب العزة ، قال عز من قائل :