لهما ، لا للإثبات ولا للنفي ، لكن يجعل إما ملزوما لكل واحد منهما ، فتشهد لاجتماعهما ، وإلا لزم القدح في كونه ملزوما ، ويلزم الجمع بين النقيضين ، وإما ملزوما لأحدهما معاندا للآخر ، فتشهد لافتراقهما ، والألزم القدح في كونه ملزوما معاندا ، ويلزم الجمع بين النقيضين.
لكن لاحتمال أن يكون اللازم أعم من الملزوم لا تثبت ولا تنفى إلا بقدر ما ينعكس الملزوم على اللازم ، وهو بعض أفراد اللازم ، ويلتزم جعله ، أعني جعل الثالث ، ملزوما في السابقة ألبتة ، وكليا إما في الجملتين وإما في إحداهما ؛ لأن السابقة بتقدير كونها منفية مباينا مبتدؤها للخبر ، كما في قولنا : خ خ لا إنسان من الأناسي بفرس ، إذا أثبتنا بعدها للإنسان لازما ، احتمل أن يكون أعم ، مثل قولنا : وخ خ كل إنسان حيوان ، فلم يلزم أن ينفى عن جميع الأفراس ، ولا عن بعضها الحيوانية : بخلافه إذا أثبتنا أولا ، ونفينا ثانيا فقلنا : خ خ كل إنسان حيوان ، ولا إنسان من الأناسي بفرس ، فإنه يلزم أن ينفي عن بعض الحيوان الفرسية ، وهذا [كاف](١) في التنبيه ، وإنما لزم فيها أن لا تعرى عن كلية ؛ لأن السابقة واللاحقة ، متى كانتا بعضيتين ، احتمل البعضان التغاير ، ولم يلزم اتحاد المبتدأين ، فلا يتحقق لخبريهما اجتماع.
أضرب الصورة الثالثة :
وتركيب الدليل في هذه الصورة لا يزيد على ستة أضرب :
أحدها : سابقة مثبتة كلية ولاحقة مثلها ، وثانيها : سابقة مثبتة بعضية ولاحقة مثبتة كلية ، وثالثها : سابقة مثبتة كلية ، ولاحقة مثبتة بعضية ، والحاصل في هذه الثلاثة ثبوت بعضي.
مثال الأول : كان إنسان حيوان ، وكل إنسان ناطق ، يلزم بعض الحيوان ناطق.
ومثال الثاني : بعض الناس قصير ، وكل إنسان ضحاك ، يلزم بعض القصار ضحاك.
__________________
(١) في (د) و (غ) : كان.