الأفل (١) على وجود المحدث والحكم على السموات والأرض بحكم النّيرات الثلاث وهو الحدوث ، طردا للدليل في كلّ ما هو مدلوله [٧٨ / ب] ، لتساويها في علة الحدوث وهي الجسمانية.
ومن ذلك الاستدلال على أنّ صانع العالم واحد ، بدلالة التمانع المشار إليه في قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا) (الأنبياء : ٢٢) ؛ لأنه لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام ، ولا يتّسق على إحكام ، ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما ؛ وذلك لو أراد أحدهما إحياء جسم ، وأراد الآخر إماتته ، فإما أن تنفذ إرادتهما فتتناقض لاستحالة أن يجري الفعل (٢) إن فرض الاتفاق ، أو لامتناع اجتماع الضدين إن فرض الاختلاف. ـ وإما لا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما ، أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عجزه ، والإله لا يكون عاجزا.
ومن ذلك الاستدلال على المعاد الجسماني بضروب :
(أحدها) : قياس الإعادة على الابتداء ، قال تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (الأعراف : ٢٩) (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (الأنبياء : ١٠٤) ، (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) (ق : ١٥).
(ثانيها) : قياس الإعادة على خلق السموات والأرض بطريق الأولى نحو : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ) (يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) (٣) (يس : ٨١) ، (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) (غافر : ٥٧).
(ثالثها) : قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات ، وهو في كلّ موضع ذكر فيه إنزال المطر غالبا ، نحو : (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) (الروم : ١٩).
(رابعها) : قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر ؛ وقد ورد «أن أبيّ (٤) بن
__________________
(١) تصحفت في المطبوعة إلى (الأقل) بالقاف وصوابها بالفاء كما في المخطوط (الأفل) أي الغياب.
(٢) في المطبوعة (لاستحالة تجزؤ الفعل).
(٣) في المخطوطة (أن يحيي الموتى).
(٤) تحرف في المخطوطة إلى (أن علي بن خلف).