والجواب أن المراد بالعدل في الأول العدل بين الأزواج في توفية حقوقهن ؛ وهذا ممكن الوقوع وعدمه ، والمراد به في الثانية الميل القلبي ، فالإنسان لا يملك ميل قلبه إلى بعض زوجاته دون بعض ، وقد كان صلىاللهعليهوسلم يقسم بين نسائه ثم يقول : «اللهم هذا قسمي في ما أملك فلا تؤاخذني بما لا أملك» (١) ـ يعني ميل [القلب] (٢) ، وكان عمر يقول : «اللهم قلبي فلا أملكه ، وأما ما سوى ذلك فأرجو أن أعدل».
ويمكن أن يكون المراد بالعدل في الثانية العدل التام ، أشار إليه ابن عطية.
وقد يحتاج الاختلاف إلى تقدير فيرتفع به الإشكال ، كقوله تعالى : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) (النساء : ٩٥) ثم قال سبحانه : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً* [دَرَجاتٍ]) (٣) (النساء : ٩٥ ـ ٩٦) ، والأصل في الأولى : وفضل الله المجاهدين على القاعدين (٤) [من أولي الضرر درجة. والأصل في الثانية : وفضل الله المجاهدين على القاعدين] (٤) من الأصحاء درجات.
__________________
(١) هذا الحديث مخرّج من وجهين* (الأول) من رواية أبي قلابة مرسلا ، أخرجه الترمذي في السنن ٣ / ٤٤٦ كتاب النكاح (٩) ، باب ما جاء في التسوية بين الضرائر (٤٢) ، عقب الحديث (١١٤٠) وقال الترمذي : (وهذا ـ أي الإرسال ـ أصح من حديث حماد بن سلمة) * (والوجه الثاني) من حديث حماد بن سلمة من طريق عائشة رضياللهعنها مرفوعا ، أخرجه أحمد في المسند ٦ / ١٤٤ ، وأخرجه الدارمي في السنن ٢ / ١٤٤ كتاب النكاح ، باب في القسمة بين النساء ، وأخرجه أبو داود في السنن ٢ / ٦٠١ كتاب النكاح (٦) ، باب في القسم بين النساء (٣٩) الحديث (٢١٣٤) ، وأخرجه الترمذي في السنن ٣ / ٤٤٦ كتاب النكاح (٩) ، باب ما جاء في التسوية بين الضرائر (٤٢) ، الحديث (١١٤٠) ، وأخرجه النسائي في المجتبى من السنن ٧ / ٦٣ ـ ٦٤ كتاب عشرة النساء (٣٦) ، باب ميل الرجل إلى بعض نسائه ... (٢) ، الحديث (٣٩٤٣) ، وأخرجه ابن ماجة في السنن ١ / ٦٣٣ كتاب النكاح (٩) ، باب القسمة بين النساء (٤٧) ، الحديث (١٩٧١) ، وأخرجه ابن حبان ، ذكره ابن بلبان في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٦ / ٢٠٣ كتاب النكاح باب القسم ذكر ما كان يعدل المصطفى صلىاللهعليهوسلم في القسمة بين نسائه الحديث (٤١٩٢) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ١٨٧ كتاب النكاح باب التشديد في العدل ... ، وقال : (صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) ليست في المخطوطة. ة.