و «البرهان» لعزيزي (١) وغيرهم.
وهو علم جليل [القدر] (٢) ، عظيم القدر (٣) ، لأن نبوة النبي صلىاللهعليهوسلم معجزتها الباقية القرآن ، وهو يوجب الاهتمام بمعرفة الإعجاز ، قال تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (إبراهيم : ١) وقال سبحانه : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) (التوبة : ٦) فلولا أن سماعه [إياه] (٤) حجة عليه لم يقف أمره على سماعه ، ولا تكون حجة إلا وهي معجزة. وقال تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ* أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) (العنكبوت : ٥٠ و ٥١) فأخبر أنّ الكتاب آية من آياته ، وأنه كاف في الدلالة ، قائم مقام معجزات غيره وآيات سواه من الأنبياء.
ولما جاء به صلىاللهعليهوسلم إليهم ـ وكانوا أفصح الفصحاء ومصاقع الخطباء ـ تحدّاهم على أن يأتوا بمثله ، وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا ، يقال : تحدّى فلان فلانا إذا دعاه إلى أمر ليظهر عجزه فيه ونازعه الغلبة في قتال أو كلام غيره ، ومنه «أنا حديّاك» ، أيّ ابرز لي وحدك (٥).
واعلم أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم تحدّى العرب قاطبة بالقرآن حين (٦) قالوا : افتراه ، فأنزل الله عزوجل عليه : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ [مُفْتَرَياتٍ]) (٧) (هود : ١٣) فلما عجزوا عن الإتيان بعشر (٨) سور تشاكل القرآن ، قال تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ) (٩) مِثْلِهِ (يونس : ٣٨) ثم كرر هذا فقال : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (البقرة : ٢٣) أي من كلام مثله ، وقيل : من بشر مثله (١٠) ، ويحقق القول الأول
__________________
(١) هو عزيزي بن عبد الملك الشافعي أبو المعالي المعروف بشيذلة تقدم التعريف به في ١ / ١١٢ ، وكتابه «البرهان في متشابه القرآن» حققه ناصر بن سليمان العمر كرسالة ماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض (أخبار التراث العربي ٧ / ٢٤) وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١ / ٢٤١ وسماه «البرهان في مشكلات القرآن».
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) عبارة المخطوطة (عظيم الخطر).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) عبارة المخطوطة (أو أبرز لك وحدي).
(٦) في المخطوطة (حيث).
(٧) ليست في المطبوعة.
(٨) تصحفت في المطبوعة إلى (بنشر سور).
(٩) الآية في المطبوعة والمخطوطة (قل فأتوا بسورة من مثله) والصواب ما أثبتناه كما في القرآن الكريم.
(١٠) عبارة المخطوطة (وقيل من بشر مثله ، أي من كلام مثله).