٣٨) ، فإن هذا «كتاب» الآجال فهو أخصّ من الكتاب المطلق ، أو المضاف إلى الله. وفي الحجر : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) (الآية : ٤) ، فإن هذا «كتاب» إهلاك القرى ، وهو أخصّ من كتاب الآجال. وفي الكهف : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ [رَبِّكَ]) (١) (الآية : ٢٧) ، فإن هذا أخصّ من «الكتاب» الذي في قوله : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) (العنكبوت : ٤٥) ، لأنه أطلق هذا ، وقيد ذلك بالإضافة إلى الاسم المضاف إلى معنى في الوجود ، والأخصّ أظهر تنزيلا. وفي النمل : (تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ) (الآية : ١) هذا «الكتاب» جاء تابعا [للقرآن ، والقرآن جاء تابعا] (٢) للكتاب كما جاء في الحجر : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) (الآية : ١) ، فما في النمل له خصوص تنزيل مع الكتاب الكلي ، فهو تفصيل للكتاب الكلي بجوامع كليته.
ومن ذلك حذف الألف في : (بِسْمِ اللهِ) (٣) تنبيها على علوه في أول رتبة الأسماء وانفراده ، وأنّ عنه انقضت الأسماء ؛ فهو بكليها (٤) ؛ يدل عليه إضافته إلى اسم الله الذي هو جامع الأسماء كلّها ، أوّلها ، ولهذا لم يتسمّ به غير الله ، بخلاف غيره من أسمائه ، فلهذا ظهرت الألف معها تنبيها على ظهور التسمية في الوجود ، وحذفت الألف التي قبل الهاء من اسم الله ، وأظهرت التي مع اللام من أوّله ، دلالة على أنه الظاهر من جهة التعريف والبيان ، الباطن من جهة الإدراك والعيان.
وكذلك حذفت الألف قبل النون من اسمه : «الرحمن» حيث وقع ، بيانا لأنّا نعلم حقائق تفصيل رحمته في الوجود ، فلا يفرق في علمنا بين الوصف والصفة ، وإنما الفرقان في (٥) التسمية ، والاسم ، لا في معاني الأسماء المدلول عليها بالتسمية ، بل نؤمن بها إيمانا مفوّضا في علم حقيقته إليه.
قلت : وعلماء الظاهر يقولون : للاختصار وكثرة الاستعمال ، وهو من خصائص الجلالة
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة زيادة (الرحمن الرحيم) ولم نثبتها لإبراز المقصود ، وهو اسم الجلالة (الله).
(٤) كذا في المطبوعة وفي المخطوطة (فهي كلية).
(٥) كذا في المطبوعة وفي المخطوطة (بين التسمية).