وقوله صلىاللهعليهوسلم حكاية عن الله تعالى : «من يقرض غير عديم ولا ظلوم» (١) ، ووجه ذلك أن العطية من أيدينا مفتقرة إلى من يضع فيها حقا وجب عليها ، ويطهّرها بذلك من ذنوبها وأنجاسها ، ولو لا اليد الآخذة ما قدر صاحب المال على صدقة.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «من يرد الله به خيرا يفقهه» (٢) في قوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (البقرة : ١٦٣) إلى قوله : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة : ١٦٤) وقوله : (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (الأنعام : ٦٥) وقوله : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (٣) (الحشر : ١٤) ووصف من لم يفهم عن المخلوقات بقوله : ([وَلكِنْ]) (٤) لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ (الإسراء : ٤٤) ثم أعلم سبحانه [سعة] (٥) مغفرته لمن في الأرض الذين لا يسبّحونه ولا يفقهون تسبيح المسبّحين من خلقه ، ثم أعلم بالعلّة التي لأجلها حرموا الفقه عن ربهم ، وأن ذلك هو ختم عقوبة الإعراض بقوله : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً* وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ...) الآية (الإسراء : ٤٥ و ٤٦).
وبالجملة فالقرآن كلّه لم ينزله تعالى إلا ليفهّمه ، ويعلم ويفهّم ، ولذلك خاطب به أولي الألباب الذين يعقلون (٦) ، والذين يعلمون ، والذين يفقهون ، والذين يتفكّرون [والذين يتدبرون] (٧) ، ليدبّروا آياته ، وليتذكّر أولو الألباب. وكذلك ما خلق الله [الدنيا] (٨) إلا (٩) مثالا
__________________
(١) الحديث من رواية أبي هريرة رضياللهعنه أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٢٢ كتاب صلاة المسافرين ... (٦) ، باب الترغيب في الدعاء ... (٢٤) ، الحديث (١٧١ / ٧٥٧) وأوّله «ينزل الله في السماء الدنيا لشطر الليل ...».
(٢) الحديث متفق عليه من رواية معاوية بن أبي سفيان رضياللهعنهما ، أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ١٦٤ كتاب العلم (٣) ، باب من يرد الله به خيرا ... (١٣) ، الحديث (٧١) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٢ / ٧١٨ كتاب الزكاة (١٢) ، باب النهي عن المسألة (٣٣) ، الحديث (٩٨ / ١٠٣٧).
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (يفقهون).
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) تصحّفت العبارة في المخطوطة إلى (أولي الألباب الذين يعلمون والذين لا يعلمون).
(٧) ليست في المطبوعة.
(٨) ليست في المخطوطة.
(٩) تصحّفت في المطبوعة (إلى مثالا).