وقيل : التأويل كشف ما انغلق (١) من المعنى ، ولهذا قال البجلي (٢) : التفسير يتعلق بالرواية ، والتأويل يتعلق بالدراية ؛ وهما راجعان إلى التلاوة والنظم المعجز الدال على الكلام القديم القائم بذات الربّ [تعالى] (٣).
قال أبو نصر القشيريّ (٤) : ويعتبر في التفسير الاتباع والسماع ؛ وإنما الاستنباط فيما يتعلق بالتأويل ، وما لا يحتمل إلا معنى واحدا حمل عليه. وما احتمل معنيين أو أكثر ؛ فإن وضع لأشياء متماثلة كالسواد حمل على الجنس عند الإطلاق ، وإن وضع لمعان مختلفة ، فإن ظهر أحد المعنيين حمل على الظاهر ، إلا أن يقوم الدليل ، وإن استويا [سواء] (٥) كان الاستعمال فيهما حقيقة أو مجازا ، أو في أحدهما حقيقة وفي الآخر (٦) مجاز كلفظة «المسّ» فإن تنافى الجمع (٧) [فمجمل] (٨) يتوقف على البيان من غيره. وإن تنافيا ، فقد قال قوم : يحمل على المعنيين. والوجه عندنا التوقف.
وقال أبو القاسم بن حبيب النيسابوري (٩) ، والبغوي ، والكواشي (١٠) وغيرهم : «التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها و [ما] (١١) بعدها ، تحتمله الآية ، غير مخالف للكتاب والسنّة من طريق الاستنباط. قالوا : وهذا غير محظور على العلماء بالتفسير ، وقد رخّص فيه أهل العلم ، وذلك مثل قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة : ١٩٥)
__________________
(١) في المخطوطة (تعلق).
(٢) هو محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس البجلي الرازي ، المحدّث الحافظ ، ولد على رأس المائتين سمع القعنبي وأبا الوليد الطيالسي وغيرهما ، وروى عنه : أحمد بن إسحاق وإسماعيل بن نجيد وغيرهما ، وثّقه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، والخليلي وقال : «محدّث ابن محدّث» وجدّه يحيى من أصحاب الثوري وله كتاب «فضائل القرآن» ت ٢٩٤ ه (الداودي ، طبقات المفسرين ٢ / ١٠٥).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) هو عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن ، تقدم التعريف به ٢ / ٢٤٨.
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (والآخر).
(٧) في المخطوطة (الجميع).
(٨) ساقطة من المخطوطة.
(٩) هو الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب أبو القاسم النيسابوري تقدم ذكره في ١ / ٢٧٩.
(١٠) هو أحمد بن يوسف بن حسن ، موفق الدين الكواشي ، له كتابان في التفسير : «التبصرة» و «التلخيص». تقدم ذكره في ١ / ٢٧٢.
(١١) ساقطة من المخطوطة.