وعلى (١) هذا قال بعض أهل الذوق : للقرآن نزول (٢) وتنزّل ، فالنزول قد مضى ، والتنزل باق إلى قيام الساعة. ومن هاهنا (٣) اختلف الصحابة في معنى الآية ، فأخذ كلّ واحد برأيه على منتهى (٤) نظره في المقتضى.
ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي والاجتهاد من غير أصل ؛ لقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء : ٣٦) وقوله : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (البقرة : ١٦٩) وقوله : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل ؛ ٤٤) [فأضاف البيان إليهم] (٥) وعليه حملوا قوله صلىاللهعليهوسلم : «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» (٦) ، رواه البيهقي من طرق ، من حديث ابن عباس. وقوله صلىاللهعليهوسلم : «من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ» (٧) أخرجه أبو داود والترمذيّ والنسائيّ ، وقال : غريب ، من حديث ابن جندب.
وقال البيهقي في «شعب الإيمان» : هذا إن صح ، فإنما أراد ـ والله أعلم ـ الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه ، فمثل هذا الذي لا يجوز الحكم به في النوازل ، وكذلك لا يجوز
__________________
(١١١) ، عن أبي جحيفة قال : قلت لعلي : هل عندكم كتاب؟ قال : لا ، إلاّ كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم ، أو ما في هذه الصحيفة ، قال : قلت فما هذه الصحيفة؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير. ولا يقتل مسلم بكافر».
(١) في المخطوطة (وعن).
(٢) في المخطوطة (نزل).
(٣) في المخطوطة (هذه).
(٤) في المطبوعة (مقتضى).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٠ / ٥١٢ كتاب فضائل القرآن باب من كره أن يفسر القرآن (١٧٨٦) ، حديث (١٠١٥٠). وأخرجه أحمد في المسند ١ / ٢٣٣ و ٢٦٩ والترمذي في السنن ٥ / ١٩٩ ، كتاب تفسير القرآن (٤٨) ، باب ما جاء في الذي يفسّر القرآن برأيه (١) ، الحديث (٢٩٥٠) ، وأخرجه الطبري في التفسير ١ / ٢٧.
(٧) الحديث أخرجه أبو داود في السنن ٤ / ٦٣ ، كتاب العلم (١٩) ، باب الكلام في كتاب الله بغير علم (٥) ، الحديث (٣٦٥٢) ، والترمذي في السنن (بتحقيق عبد الرحمن عثمان) ٤ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ، كتاب تفسير القرآن ، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه (١) ، الحديث (٤٠٢٤) ، وقال الترمذي (هذا حديث غريب) ، ولم يرد قول الترمذي في «السنن» (نسخة أحمد شاكر) ٥ / ٢٠٠ وجعله الزركشي من قول النسائي ، وعزاه المزي في «تحفة الأشراف» ٢ / ٤٤٤ للنسائي في فضائل القرآن (السنن الكبرى) ، الحديث (٣٢٦٢) ، وأخرجه الطبري في «التفسير» ١ / ٢٧ ضمن المقدمة ، وقول الزركشي (من حديث ابن جندب) صوابه (من حديث جندب) وهو ابن عبد الله البجلي.