ملكوتيّ ، بدليل قوله : (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فهو بخلاف قوله : (فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) (الكهف : ٧٠) ، لأن هذا سؤال عن حوادث الملك في مقام الشاهد ، كخرق السفينة (١) (الكهف : ٧١) ، وقتل الغلام (٢) (الكهف : ٧٤) ، وإقامة الجدار (٣) (الكهف : ٧٧).
وكذلك : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) (البقرة : ١٨٦) ، فحذف الضمير في الخط دلالة على الدّعاء الذي من جهة الملكوت بإخلاص الباطن.
وكذلك : (أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) (آل عمران : ٢٠) هو الاتباع العلمي في دين الله (٤) [وطريق الآخرة بدليل قوله : أسلمت لله ، فهو بخلاف قوله (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) (آل عمران : ٣١) فإن هذا في الأعمال الظاهرة] (٤). بالجوارح المقصود بها وجه الله وطاعته.
وكذلك : (لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) (إبراهيم : ١٤) ، ثبتت الياء في «المقام» لاعتبار المعنى من جهة الملك ، وحذفت من «الوعيد» لاعتباره ملكوتيا فخاف المقام من جهة ما ظهر للأبصار ، وخاف الوعيد من جهة إيمانه بالأخبار.
وكذلك : (لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) (الإسراء : ٦٢) ، هو التأخير بالمؤاخذة لا التأخير الجسمي ، فهو بخلاف قوله : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) (المنافقون : ١٠) ؛ لأن هذا تأخير جسميّ في الدنيا الظاهرة.
وكذلك : (عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) (الكهف : ٢٤) ، سياق الكلام في أمور محسوسة ، والهداية فيه ملكوتية ، وقد هداه الله في قصة الغار ، وهو في العدد (ثانِيَ اثْنَيْنِ) (التوبة : ٤٠) ، حتى [خرج] (٥) بدينه عن قومه بأقرب من طريق أهل الكهف حين خرجوا بدينهم عن قومهم ، وعددهم (٧٦ على ما قصّ الله علينا فيه ، وهذه الهداية بخلاف ما قال
__________________
(١) قوله تعالى (قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها) من سورة الكهف الآية ٧١.
(٢) قوله تعالى (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ) من سورة الكهف الآية ٧٤.
(٣) قوله تعالى (فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) من سورة الكهف الآية ٧٧
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٥) ساقط من المخطوطة.
(٦) في المطبوعة (وعدوهم).