وإلى ما ليس ببيّن (١) بنفسه فيحتاج إلى بيان. وبيانه إما فيه في آية أخرى ، أو في السنّة ، لأنها موضوعة للبيان ، قال تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل : ٤٤).
والثاني ككثير من أحكام الطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحجّ ، والمعاملات ، والأنكحة ، والجنايات ، وغير ذلك ، كقوله تعالى : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) (الأنعام : ١٤١) ولم يذكر كيفية الزكاة ، ولا نصابها ، ولا أوقاصها (٢) ، ولا شروطها ، ولا أحوالها ، ولا من تجب عليه ممّن لا تجب [عليه] (٣) ، وكذا لم يبين عدد الصلاة ولا أوقاتها.
وكقوله : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة : ١٨٥) (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (آل عمران : ٩٧) ولم يبيّن أركانه ولا شروطه ، ولا ما يحل في الإحرام وما لا يحل ، ولا ما يوجب الدّم ولا ما لا يوجبه ، وغير ذلك والأول قد أرشدنا النبيّ صلىاللهعليهوسلم بما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود «لما نزل : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (الأنعام : ٨٢) شقّ ذلك على المسلمين فقالوا : يا رسول الله ، وأيّنا لا يظلم نفسه! قال : ليس ذلك ، إنما هو الشرك ، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٤)» (لقمان : ١٣) فحمل النبي صلىاللهعليهوسلم الظلم هاهنا على الشرك ، لمقابلته بالإيمان. واستأنس عليه بقول لقمان.
وقد يكون بيانه مضمرا فيه ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) (الزمر : ٧٣) فهذا يحتاج إلى بيان ؛ لأن (حَتَّى [إِذا]) (٥) لا بدّ لها من تمام ، وتأويله :
__________________
(١) في المخطوطة (بين).
(٢) الوقص ـ بالتحريك ـ ما بين الفريضتين ، كالزيادة على الخمس من الإبل إلى التسع ، وعلى العشر إلى أربع عشرة والجمع : أوقاص (ابن الجزري ، النهاية ٥ / ٢١٤).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) الحديث متفق عليه ، أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٨٧ ، كتاب الإيمان (٢). باب ظلم دون ظلم (٢٣) ، الحديث (٣٢). وأخرجه مسلم في الصحيح ١ / ١١٤ ، كتاب الإيمان (١) ، باب صدق الإيمان وإخلاصه (٥٦) ، الحديث (١٩٧ / ١٢٤).
(٥) ليست في المطبوعة.