الناس يريد ذلك فلا يحصل له ، وبيانه في قوله (١) : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) (الإسراء : ١٨) فهو كالذي قبله متعلق بالمشيئة (٢).
ومنه قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) (٣) (الرعد : ٢٨) وقال في آية أخرى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) (الأنفال : ٢) فإنه قد يستشكل اجتماعهما ؛ لأن (٤) الوجل خلاف الطمأنينة ؛ وهذا غفلة عن المراد ؛ لأن الاطمئنان إنما يكون (٥) [عن ثلج القلب وشرح الصدر بمعرفة التوحيد والعلم ؛ وما يتبع ذلك من الدرجة الرفيعة والثواب الجزيل ، والوجل إنما يكون] (٥) عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدي ، وما يستحق به الوعيد (٦) [بتوجيل القلوب كذلك. وقد اجتمعا] (٦) في قوله تعالى : (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) (الزمر : ٢٣) لأن هؤلاء قد سكنت نفوسهم إلى معتقدهم ، ووثقوا به ، فانتفى عنهم الشك والارتياب الذي يعرض إن كان (٧) كلامهم فيمن أظهر الإسلام تعوذا ، فجعل لهم حكمة دون العلم الموجب لثلج الصدور وانتفاء الشك ، ونظائره (٨) كثيرة.
ومنه قوله تعالى في قصة لوط : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ [وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ] (٩) وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) (الحجر : ٦٥) فلم يستثن امرأته في هذا الموضوع ، وهي مستثناة في المعنى بقوله في الآية الأخرى : (فَأَسْرِ) [١٠٧ / ب](بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ) (هود : ٨١) فأظهر الاستثناء في هذه الآية.
وكقوله تعالى : (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) (الحجر : ٥٢)
__________________
(١) في المخطوطة : (بقوله).
(٢) عبارة المخطوطة : (في تعليق للمشيئة).
(٣) في المخطوطة زيادة : (سبحانه).
(٤) في المخطوطة : (اجتماعهم فإن).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٦) عبارة المخطوطة : (... بتوحيد القلوب لذلك وقد اجتمع ...).
(٧) في المخطوطة : (عن) بدل (إن كان).
(٨) في المخطوطة : (ونظير برّه).
(٩) سقطت من الأصول والصواب إثباته كما هو نص الآية في المصحف الشريف.