(الثاني) (١) : من حذف في الكلام (١) ، كقوله [تعالى] (٢) : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) (النساء : ١٢٧) قيل معناه ترغبون في نكاحهنّ لمالهنّ. وقيل معناه : عن نكاحهنّ لزمانتهنّ ، وقلّة مالهنّ : والكلام يحتمل الوجهين ؛ لأن العرب تقول : رغبت عن الشيء إذا زهدت فيه ، ورغبت في الشيء إذا حرصت (٣) عليه ، فلما ركّب الكلام تركيبا حذف معه حرف الجرّ احتمل التأويلين جميعا. وجعل منه بعضهم قوله تعالى في سورة النساء : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً* ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) (الآيتان : ٧٨ و ٧٩) أي يقولون : (ما أَصابَكَ) ، قال : ولو لا هذا التقدير لكان مناقضا لقوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (النساء : ٧٨). وقوله : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) (الإسراء : ٥٩) [أي آية مبصرة] (٤) ، فظلموا أنفسهم بقتلها ، وليس المراد أنّ الناقة كانت مبصرة لا عمياء.
(الثالث) : من تعيين الضمير ، كقوله تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) (البقرة : ٢٣٧) فالضمير في (بِيَدِهِ) يحتمل عوده على الوليّ وعلى الزوج ، ورجّح الثاني لموافقته للقواعد ، فإن الوليّ لا يجوز [له] (٥) أن يعفو عن مال يتيمه بوجه من الوجوه ، وحمل الكلام المحتمل على القواعد الشرعية أولى. (فإن قيل) : لو كان خطابا للأزواج لقال «إلا أن تعفوا» بالخطاب ؛ لأن صدر الآية خطاب [لهم] (٤) بقوله : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَ) (البقرة : ٢٣٧) إلى قوله : (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) (البقرة : ٢٣٧) (قلنا) : هو التفات من الخطاب إلى الغيبة ، وهو من أنواع البديع (٦).
ومنه قوله تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر : ١٠) فيحتمل أن يكون الضمير [الفاعليّ] (٧) الذي في (يَرْفَعُهُ) عائدا على العمل ، والمعنى أن الكلم الطيب ، وهو التوحيد ، يرفع العمل الصالح ؛ لأنه لا تصلح (٨) الأعمال إلا مع الإيمان. ويحتمل أن يكون الضمير عائدا على الكلم ، ويكون معناه أن العمل الصالح هو
__________________
(١) العبارة في المخطوطة (حذف من الكلام).
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) في المخطوطة (صرت).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) في المخطوطة (البعيد).
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (تصح).