كلّيّ لا يدلّ على ناس بأعيانهم ولا موصوفين بصفة [فهم كلّيّ] (١) ، ولا يعلم الكلّيّ من حيث هو كلّيّ ؛ بل من حيث أثر البعض في الإدراك ، ولا يعلم الكليّ إلا من حيث [هو] (١) أثر الجزئيّ في (٢) الإدراك ، فالخشية هنا كلية لشيء غير معلوم الحقيقة ؛ فوجب أن يكون الله أحقّ بذلك ، فإنه حق ، وإن لم نحط به علما ، كما أمر الله سبحانه بذلك ، ولا يخشى غيره ، وهذا الحذف بخلاف ما جاء في البقرة : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) (الآية : ١٥٠) ، ضمير الجمع يعود على (الَّذِينَ ظَلَمُوا) من الناس ، فهم بعض لا كلّ ، ظهروا في الملك بالظلم ، فالخشية هنا جزئية ، فأمر سبحانه أن يخشى من جهة ما ظهر كما يجب ذلك من جهة ما ستر.
وكذلك حذفت الياء من : (فَبَشِّرْ عِبادِ) (الزمر : ١٧) و (قُلْ يا عِبادِ) [٦١ / أ] (الزمر : ١٠) فإنه خطاب لرسوله عليهالسلام على الخصوص ، فقد توجه الخطاب إليه في فهمنا ، [و] (٣) غاب العباد كلهم عن علم ذلك ، فهم غائبون عن شهود هذا الخطاب ؛ لا يعلمونه إلا بوساطة الرسول.
وهذا بخلاف قوله : يا عبادي لا خوف عليكم (الزخرف : ٦٨) فإنها ثبتت ، لأنه خطاب لهم في الآخرة غير محجوبين عنه ـ جعلنا الله منهم إنه منعم كريم ـ وثبت حرف النداء ، فإنه أفهمهم نداءه الأخرويّ في موطن الدنيا ، في يوم ظهورهم بعد موتهم ، وفي محل أعمالهم ، إلى حضورهم يوم ظهورهم الأخرويّ ، بعد موتهم وفي محل جزائهم.
وكذلك : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا [عَلى]) (٤) (الزمر : ٥٣) ثبت الضمير وحرف النداء في الخطّ ، فإنه دعاهم من مقام إسلامهم ، وحضرة امتثالهم إلى مقام إحسانهم ، ومثله : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) في العنكبوت (الآية : ٥٦) ، فإنه دعاهم من حضرتهم في (٥) مقام إيمانهم ، إلى حضرتهم ومقام إحسانهم ، إلى ما لا نعلمه من الزيادة بعد الحسنى.
وكذلك سقطتا في موطن الدعاء [مثل] (٦) : (رَبِّ اغْفِرْ لِي) (نوح : ٢٨) حذفت الياء لعدم الإحاطة به عند التوجه إلى الله [تعالى] لغيبتنا نحن عن الإدراك ، وحذف حرف النداء لأنه أقرب إلينا من أنفسنا ، وأما قوله : (وَقِيلِهِ يا رَبِ) (الزخرف : ٨٨) فأثبت حرف النداء ؛
__________________
(١) ساقط من المخطوطة.
(٢) العبارة في المخطوطة : (لا في الإدراك).
(٣) ساقط من المخطوطة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (إلى) بدل (في).
(٦) ساقط من المخطوطة.