القول ؛ كما قال : «قفا نبك» (١). وقال السهيلي (٢) : «هو قول من حضرته الشياطين وزبانية العذاب ، فاختلط ولا يدري ما يقول من الشطط ، وقد اعتاد أمرا يقوله في الحياة ، من ردّ الأمر إلى المخلوقين». ومنه قوله تعالى : (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ...) الآية (الزخرف : ٣٢) وهذا مما لا تشريك فيه.
وقال المبرد في «الكامل» (٣) : «لا ينبغي أن يستعمل ضمير الجمع في واحد من المخلوقين على حكم الاستلزام ، لأن ذلك كبر ، وهو مختصّ به سبحانه». ومن هذا ما حكاه [١١٥ / أ] الحريري في شرح «الملحة» (٤) عن بعضهم أنه [منع] (٥) من إطلاق لفظة «نحن» على غير الله تعالى من المخلوقين ، لما فيها من التعظيم ، وهو غريب. وحكى بعضهم خلافا في نون الجمع الواردة في كلامه سبحانه [وتعالى] (٥) ، فقيل : جاءت للعظمة [التي] (٦) يوصف بها سبحانه ، وليس لمخلوق أن ينازعه فيها ؛ فعلى هذا يكره للملوك استعمالها في قولهم : «نحن نفعل كذا». وقيل في علتها : إنها [لما] (٦) كانت تصاريف أقضيته تجري على أيدي خلقه تنزل (٧) أفعالهم منزلة فعله ، (٨) [فلذلك ورد الكلام مورد الجمع] (٨) ، فعلى هذا تجوز مباشرة النون لكل من لا يباشر بنفسه. فأما قول العالم : «نحن نبيّن» و «نحن نشرح» فمفسوح له فيه ؛ لأنّه يخبر بنون الجمع عن نفسه وأهل مقالته.
__________________
(١) شطرة من بيت قاله امرؤ القيس في ديوانه ص ٢٩ (طبعة صادر ببيروت) في أول معلقته المشهورة فصارت المعلقة تعرف بها ، وتمام البيت :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللوى بين الدّخول فحومل |
(٢) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد تقدم في ١ / ١٥٥.
(٣) انظر الكامل ١ / ٤٦٦ (بتحقيق محمد أحمد الدالي) بتصرّف.
(٤) الحريري هو أبو محمد القاسم بن علي بن محمد ، صاحب «المقامات» تقدم التعريف به في ١ / ١٦٤. وكتابه «ملحة الأعراب في صناعة الإعراب» طبع في القاهرة عام ١٢٩٢ ه / ١٨٧٥ م و ١٢٩٣ ه / ١٨٧٦ م و ١٣٠٠ ه / ١٨٨٢ م بمطبعة بولاق ، وطبع في لبنان ، بدير القمر ، بتصحيح ملحم إبراهيم النجار ١٢٨٨ ه / ١٨٧١ م ، وفي دلهي بالهند عام ١٣١٢ ه / ١٨٩٤ م ، وفي القاهرة ١٣٤٥ ه / ١٩٢٦ م بمطبعة عيسى الحلبي ، وصوّر في بيروت بدار الفكر ١٤٠٤ ه / ١٩٨٤. وانظر قوله فيه ص ١٣ (طبعة بولاق).
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) ساقطة من المطبوعة.
(٧) في المطبوعة (تنزلت).
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.