والثاني : كقوله : (أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً) (النمل : ٨٤) على ما قرّره (١) الجرجانيّ (٢) في «النظم» ؛ حيث جعلها مثل قوله : [تعالى] (٣) : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (النمل : ١٤).
ويجب أن يلي الأداة الشيء الذي تقرر بها ، فتقول في تقرير الفعل : «أضربت زيدا؟» ، والفاعل نحو : «أأنت ضربت؟» ، أو المفعول «أزيدا (٤) ضربت» ، كما يجب في الاستفهام الحقيقي.
وقوله [تعالى] (٥) : (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا) (الأنبياء : ٦٢) يحتمل الاستفهام الحقيقي ، بأن يكونوا لم يعلموا أنه (٦) الفاعل ، والتقريريّ بأن يكونوا علموا ، ولا يكون استفهاما عن الفعل ، ولا تقريرا له ، لأنه لم يله ، ولأنه أجاب بالفاعل بقوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) (الأنبياء : ٦٣).
وجعل الزمخشريّ منه : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة : ١٠٦).
وقيل : أراد التقرير (٧) [بما بعد النفي لا التقرير بالنفي ، والأولى أن يجعل على الإنكار ، أي ، ألم تعلم أيّها المنكر للنسخ! وحقيقة استفهام التقرير أنه استفهام إنكار ، والإنكار نفي ، وقد دخل على المنفيّ ونفي المنفيّ إثبات. والذي يقرّر عندك أن معنى التقرير] (٧) الإثبات قول (٨) ابن السراج (٩) : فإذا
__________________
(١) في المخطوطة (قدّره).
(٢) هو عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني. تقدمت ترجمته في ٢ / ٤٢٠ ، وكتابه «نظم القرآن» تقدم في ٢ / ٢٢٥.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (كان زيدا ضربت).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (بأنه).
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (كقول).
(٩) هو محمد بن السري أبو بكر المعروف بابن السّراج النحوي كان أحد العلماء المذكورين بالأدب وعلم العربية ، صحب المبرّد وأخذ عنه العلم ، روى عنه الزجاجي ، والسيرافي ، والرماني ، وله تصانيف هامة منها : «الأصول» و «الاشتقاق» و «الموجز» وغيرها ت ٣١٦ ه (القفطي ، إنباه الرواة ٣ / ١٤٥).