اللهُ) (البقرة : ٩١) ، والمخاطبون على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم لم يقتلوا الأنبياء ، إنما باشره آباؤهم ؛ لكن مذهبهم في ذلك واحد ، فحرف «ما» إنما يشمل تفاصيل الزمان ، وهو تفصيل لا مفصّل له في الوجود إلا بالفرض والتوهم ، لا بالحسّ ، فوصلت «كل» لاتصال الأزمنة في الوجود ، وتلازم أفرادها المتوهّمة. وكذلك : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً) (البقرة : ٢٥) ، هذا موصول لأنّ حرف «ما» جاء لتعميم الأزمنة ، فلا تفصيل فيها في الوجود ، وما رزقوا هو غير مختلف ، لقوله تعالى : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) (البقرة : ٢٥).
* ومنه «أينما» (١) موصول إذا كانت «ما» غير مختلفة الأقسام في الفعل الذي بعدها ؛ مثل : (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) (٢) (النحل : ٧٦) ، (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) (البقرة : ١١٥) ، (أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا) (الأحزاب : ٦١) ، (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) (النساء : ٧٨) ؛ فهذه كلها لم تخرج عن «الأين» الملكيّ ، وهو متصل حسّا ، ولم يختلف فيه الفعل الذي مع «ما».
وتفصل «أين» حيث تكون «ما» مختلفة الأقسام في الوصف الذي بعدها ، مثل : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ) (الشعراء : ٩٢). (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) (الحديد : ٤) (أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) (آل عمران : ١١٢).
* ومنه «بئسما» (٣) مفصول (٤) ، إلا ثلاثة أحرف : اثنان في البقرة : (بِئْسَمَا) (٥) اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ (البقرة : ٩٠). (بِئْسَما) (٥) يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ (البقرة : ٩٣) ، وفي الأعراف : (بِئْسَما) (٥) خَلَفْتُمُونِي (الأعراف : ١٥٠). فحرف «ما» ليس فيه تفصيل ، لأنه بمعنى واحد في الوجود من جهة كونه باطلا مذموما ، على خلاف حال «ما» في المائدة : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (المائدة : ٦٢) ، فحرف
__________________
(١) انظر المقنع للداني ص ٧٢ باب ذكر ما رسم في المصاحف من الحروف المقطوعة على الأصل والموصولة على اللفظ ، ذكر أينما.
(٢) في المخطوطة : (أينما تولوا) مكرر بدل (يوجهه).
(٣) انظر المقنع للداني ص ٧٤ ذكر بئس ما.
(٤) تصحفت في المخطوطة والمطبوعة إلى (موصول) مما عكس معنى العبارة ، والصواب ما أثبتناه ، كما في المقنع ص ٧٤ ، وانظر فنون الأفنان لابن الجوزي ص ٢٣١ باب في كتابة المصحف وهجائه ، فصل ذكر .. بئس ما.
(٥) حرّف رسم كلمة (بئسما) في المطبوعة والمخطوط فكتبت بالفصل (بئس ما) في المواضع الثلاثة والصواب وصلها كما في المصحف العثماني ، وانظر المقنع ص ٧٤ ، وفنون الأفنان ص ٢٣١.