٥ و ٦) ولكون الجملة الثانية للتوكيد سقطت من مصحف ابن مسعود ، ومن قراءته (١) والأكثر فصل الجملتين : ب «ثم» ، كقوله : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ* ثُمَّ ما أَدْراكَ) (الانفطار : ١٧ و ١٨) (كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (التكاثر : ٣ و ٤) ويكون في المجرور ، كقوله : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) (هود : ١٠٨) والأكثر فيه اتصاله بالمذكور.
وزعم الكوفيون أنه لا يجوز الفصل بين التوكيد والمؤكد ، قال الصفّار (٢) في «شرح سيبويه» : والسماع يردّه ، قال تعالى : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (هود : ١٩) فإن «هم» الثانية تأكيد للأولى. وقوله : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) (هود : ١٠٨) وقوله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) (البقرة : ٨٩) ألا ترى أن قبله : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ) (البقرة : ٨٩) فأكّد (لَمَّا) وبينهما كلام ، وأصله : (يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) (البقرة : ٨٩) فكرّر للطول الذي بين «لمّا» وجوابها. وقوله : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) (المؤمنون : ٣٥) في أحد القولين ؛ لأنه أكّد «أنّ» بعد ما فصل.
وقوله تعالى : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الجاثية : ٣) (٣) ............. (٣)
ريب أنهم اجتمعوا في الهلاك وإن قوم موسى اجتمعوا في النجاة.
ومنه قوله تعالى حكاية عن يوسف : (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) (يوسف : ٩٣) فلم يرد بهذا أن يجتمعوا عنده ، وإن جاءوا واحدا بعد واحد ؛ وإنما أراد اجتماعهم في المعنى إليه ، وألاّ يتخلّف منهم أحد ، وهذا يعلم من السياق والقرينة.
ومن القرينة الدالة على ذلك في قصة الملائكة (٤) لفظا [ومعنى] (٥) أن قوله (كُلُّهُمْ)
__________________
(١) ذكرها الزمخشري في الكشاف ٤ / ٢٢١.
(٢) هو القاسم بن علي البطليوسي الصفار ، تقدم ذكره في ٢ / ٤٥١. وكتابه «شرح سيبويه» مخطوط ، يوجد منه قطعة في دار الكتب المصرية برقم (٩٠٠) نحو (انظر مقدمة كتاب سيبويه ١ / ٣٧ لعبد السلام محمد هارون وبروكلمان (بالعربية) ٢ / ١٣٧).
(٣) بياض في المخطوطة. كتب ناسخها على هامشها (هنا نسخة الأصل ، ورقتان بياض).
(٤) في قوله تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) [الحجر : ٣٠].
(٥) ساقطة من المطبوعة.