«الأقصى» (١) وقيل : للتأكيد مع الاستدراك. وقيل : للاستدراك المجرد ، وهي أن يثبت لما بعدها حكم يخالف ما قبلها ؛ ومثلها «ليت» و «لعلّ» و «لعنّ» في لغة بني تميم ؛ لأنهم يبدلون همزة «أن» المفتوحة عينا ؛ وممن ذكر أنها من المؤكدات : التنوخي.
الخامس : لام الابتداء نحو : (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) (إبراهيم : ٣٩) وهي تفيد تأكيد مضمون الجملة ، ولهذا زحلقوها في باب «إنّ» عن صدر الجملة كراهية ابتداء الكلام بمؤكدين ؛ ولأنّها تدلّ بجهة التأكيد ، وإنّ تدلّ بجهتين : العمل والتأكيد ، والدالّ بجهتين مقدّم على الدال (٢) بجهة كنظيره في الإرث وغيره. وإذا جاءت (٣) مع «إنّ» [كان] (٤) بمنزلة تكرار الجملة ثلاث مرات ، لأن [إنّ] (١٦٩) أفادت التكرير مرتين ؛ فإذا دخلت اللام صارت ثلاثا. وعن الكسائي أنّ اللام لتوكيد الخبر «وإنّ» لتأكيد (٥) الاسم ؛ وفيه تجوّز ، لأن التأكيد إنما هو للنسبة (٦) لا للاسم والخبر.
السادس : الفصل ، وهو من مؤكدات الجملة ؛ وقد نص سيبويه (٧) على أنه يفيد التأكيد ، وقال في قوله تعالى : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) (الكهف : ٣٩) (أَنَا) وصف للياء في (تَرَنِ) يزيد تأكيدا وهذا صحيح ، لأن المضمر يؤكد الضّمير ، وأما تأكيد المظهر بالمضمر فلم يعهد ، ولهذا سماه بعضهم «دعامة» ، لأنه يدعم به الكلام ، أي يقوى ، ولهذا قالوا : لا يجاء مع التوكيد ، فلا يقال : «زيد نفسه هو الفاضل». ووافق على ذلك ابن الحاجب (٨) في «شرح المفصّل» وخالف في «أماليه» (٩) فقال : ضمير الفصل ليس توكيدا ،
__________________
(١) هو محمد بن محمد ، زين الدين التنوخي ، تقدم التعريف به وبكتابه «الأقصى القريب» في ٢ / ٤٤٨.
(٢) في المخطوطة (المولي).
(٣) في المخطوطة (اجتمعت).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (لتوكيد).
(٦) في المخطوطة (بنسبته).
(٧) الكتاب ٢ / ٣٩٢ (بتحقيق عبد السلام محمد هارون) ، باب ما يكون فيه هو وأنت وأنا ونحن وأخواتهنّ فصلا.
(٨) هو أبو عمرو عثمان بن عمر بن الحاجب ، تقدم ذكره في ١ / ٤٦٦ ، وكتابه «الإيضاح في شرح المفصل» طبع بتحقيق موسى بناي العكيلي ، بمطبعة المجمع العلمي الكردي ببغداد (كرسالة دكتوراه) عام ١٣٩٦ ه / ١٩٧٦ م ، وأعادت طبعه وزارة الأوقاف العراقية عام ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م (ذخائر التراث العربي ١ / ٨٢ ، وفهرست الكتب النحوية : ٤٨).
(٩) تقدم التعريف به في ١ / ٥١١.