والمضارع ، نحو : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ [الَّذِي يَقُولُونَ]) (١) (الأنعام : ٣٣) (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) (النور : ٦٤) قال الزمخشريّ (٢) : دخلت قد لتوكيد العلم. ويرجع ذلك لتوكيد الوعيد ، وبهذا يجاب عن قولهم : إنما تفيد التعليل (٣) [مع المضارع. وقال ابن أبان (٤) : تفيد مع المستقبل التعليل] (٣) في وقوعه أو متعلقه ، فالأولى كقولك : زيد قد يفعل كذا ، وليس ذلك منه بالكثير ، والثاني كقوله [تعالى] : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) (النور : ٦٤) المعنى والله أعلم : أقل معلوماته ما أنتم عليه.
* (ثانيها) (٥) : السين التي للتنفيس ، قال سيبويه (٦) في قوله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ [وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ]) (٧) (البقرة : ١٣٧) معنى السين أن ذلك كائن لا محالة ، وإن تأخر إلى حين. وجرى عليه الزمخشريّ (٨) فقال في قوله تعالى : (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) (التوبة : ٧١) السين تفيد وجود الرحمة لا محالة ، فهي تؤكد الوعد ، كما تؤكد الوعيد ، في قولك : «سأنتقم منك يوما» يعني أنك لا تفوتني (٩) وإن تبطّأت (١٠).
ونحوه : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (مريم : ٩٦) (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (الضحى : ٥) (سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) (النساء : ١٥٢) لكن قال في قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (١١) معنى الجمع بين حرفي التأكيد [والتأخير] (١٢) أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر. وقد اعترض عليه بأن وجود الرحمة مستفاد من الفعل لا من السين ، وبأن الوجوب المشار إليه بقوله : «لا محالة» (١٣) لا إشعار للسين به. وأجيب بوجهين :
__________________
(١) ليس في المطبوعة.
(٢) ليس قوله في الكشاف الجديد ، ولعله في القديم.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٤) هو أحمد بن أبان بن السيد اللغوي تقدم التعريف به في ١ / ٣٩٤.
(٥) في المخطوطة (الثاني).
(٦) كتاب سيبويه ١ / ٣٥ (بتحقيق عبد السلام محمد هارون) باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعول.
(٧) بقية الآية ليست في المطبوعة.
(٨) الكشاف ٢ / ١٦٢.
(٩) في المخطوطة (يفوتني).
(١٠) في المخطوطة (تباطأ).
(١١) الكشاف ٤ / ٢١٩.
(١٢) ساقطة من المخطوطة.
(١٣) في هذا الموضع من المخطوطة تكررت عبارة (وإن تأخر وقد اعترض عليه) التي تقدمت سابقا.