(أحدهما) : أن السين موضوعة للدلالة على الوقوع مع التأخر ، فإذا كان المقام ليس مقام تأخير لكونه بشارة (١) تمحضت لإفادة الوقوع ، وتحقيق الوقوع يصل الى درجة الوجوب. وفيه نظر لأن ذلك يستفاد (٢) من المقام لا من السين.
(والثاني) : أن السين يحصل بها ترتيب الفائدة ؛ لأنها تفيد أمرين : الوعيد والإخبار بطرقه ، وأنه متراخ ، فهو كالإخبار بالشيء مرتين ؛ ولا شك أن الإخبار بالشيء وتعيين طرقه مؤذن (٣) بتحققه عند المخبر به (٤).
* (ثالثها) : النون (٥) [الشديدة ؛ وهي بمنزلة ذكر الفعل ثلاث مرات ، وبالخفيفة ، فهي بمنزلة ذكره مرتين. قيل : وهذان النونان] (٥) لتأكيد الفعل في مقابلة تأكيد الاسم بإنّ واللام ؛ ولم يقع في القرآن التأكيد بالخفيفة إلاّ في موضعين : (وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) (يوسف : ٣٢) وقوله تعالى : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) (العلق : ١٥) ولما لم يتجاوز الثلاثة في تأكيد الأسماء فكذلك (٦) لم يتجاوزها في تأكيد الأفعال ، قال تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (الطارق : ١٧) لم يزد على ثلاثة : مهل ، وأمهل ، ورويدا ، كلّها بمعنى واحد ، وهنّ : فعلان واسم فعل.
* (رابعا) : (٧) «لن» لتأكيد النفي [كإنّ] (٨) في تأكيد الإثبات ؛ فتقول : لا أبرح ، فإذا أردت تأكيد النفي ، قلت : لن أبرح. قال سيبويه (٩) : هي جواب لمن قال : سيفعل. يعني والسين للتأكيد فجوابها كذلك.
وقال الزمخشريّ : «لن» تدل على استغراق النفي في الزمن المستقبل ، بخلاف [«لا»] (٨) [و] (١٠) كذا قال في «المفصل» (١١) : لن لتأكيد ما تعطيه ، لا من نفي المستقبل ،
__________________
(١) في المخطوطة (إشارة محضة).
(٢) في المخطوطة (مستفاد).
(٣) في المخطوطة (يؤذن).
(٤) في المخطوطة (الخبرية).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (فلذلك).
(٧) في المخطوطة (رابعها).
(٨) ساقطة من المخطوطة.
(٩) كتاب سيبويه ٤ / ٢١٧ ، باب عدة ما يكون عليه الكلم.
(١٠) زيادة من المطبوعة.
(١١) انظر ص ٣٠٧ (حروف النفي).