وأخرج الحاكم في «مستدركه» بسند صحيح عن أبي هريرة : «سيّدة آي القرآن آية الكرسي» (١).
وفي الترمذي غريبا عنه مرفوعا : «لكل شيء سنام ، وإن سنام القرآن سورة البقرة فيها آية الكرسيّ» (٢).
وروى ابن عيينة في «جامعه» عن أبي صالح عنه : «فيها آية الكرسي وهي سنام آي القرآن ، ولا تقرأ في دار فيها شيطان إلا خرج منها» (٣) ؛ وهذا لا يعارض ما قبله بأفضلية الفاتحة ، لأن تلك باعتبار السّور وهذه باعتبار الآيات.
وقال القاضي شمس الدين الخويّي (٤) : «كلام الله [كله] (٥) أبلغ من كلام المخلوقين ، وهل يجوز أن يقال بعض كلامه أبلغ من بعض؟ جوّزه بعضهم لقصور نظرهم. وينبغي أن يعلم أن معنى قول القائل : هذا الكلام أبلغ من هذا الكلام أنّ هذا في موضعه له حسن ولطف. وذاك في موضعه له حسن ولطف ، وهذا الحسن في موضعه أكمل من ذاك في موضعه. فإن من قال : إنّ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص : ١) أبلغ من (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (اللهب : ١) يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب ، وبين التوحيد والدعاء على الكافرين ، وذلك غير صحيح ، بل ينبغي أن يقال : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) دعاء عليه بالخسران ، فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه! وكذلك في (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) لا توجد عبارة تدلّ على الوحدانية أبلغ منها ، فالعالم إذا نظر إلى (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [وَتَبَ]) (٦) في باب الدعاء بالخسران ، ونظر إلى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في باب التوحيد لا يمكنه أن يقول : أحدهما أبلغ من الآخر ، وهذا القيد يغفل عنه بعض من لا يكون عنده [علم] (٦) البيان» (٧).
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٦٠ كتاب التفسير باب سيدة آي القرآن ... ، وقال : (صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٦ ، ٣٢ وعزاه أيضا لسعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان.
(٢) أخرجه الترمذي في السنن ٥ / ١٥٧ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي (٢) ، الحديث (٢٨٧٨) وقال : (حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير ، وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير وضعّفه) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٥٩ كتاب التفسير ، باب سورة البقرة.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٥٩ كتاب التفسير ، باب سورة البقرة من طريق ابن عيينة.
(٤) هو أحمد بن خليل تقدم التعريف به في ١ / ١٠٨.
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) انتهى قول القاضي شمس الدين الخويي ، وقد ذكره السيوطي في الإتقان ٤ / ١١٨.