وشنّوا على أسماعنا كلّ غارة |
|
وقلّ حماتي عند ذاك وأنصاري |
غزوتهم من مقلتيك وأدمعي |
|
ومن نفسي بالسيف والماء والنار |
وأنا أختم هذه القطع المتخيّرة بقول أبي بكر بن بقي ليكون الختام مسكا (١) : [الكامل]
عاطيته والليل يسحب ذيله |
|
صهباء كالمسك الفتيق لناشق |
وضممته ضمّ الكميّ لسيفه |
|
وذؤابتاه حمائل في عاتقي (٢) |
حتى إذا مالت به سنة الكرى |
|
زحزحته شيئا وكان معانقي |
باعدته عن أضلع تشتاقه |
|
كيلا ينام على وساد خافق |
ويقول القاضي أبي حفص بن عمر القرطبي (٣) : [الوافر]
هم نظروا لواحظها فهاموا |
|
وتشرب لبّ شاربها المدام |
يخاف الناس مقلتها سواها |
|
أيذعر قلب حامله الحسام |
سما طرفي إليها وهو باك |
|
وتحت الشمس ينسكب الغمام |
وأذكر قدّها فأنوح وجدا |
|
على الأغصان تنتدب الحمام |
وأعقب بينها في الصدر غمّا |
|
إذا غربت ذكاء أتى الظلام (٤) |
وبقوله أيضا : [الوافر]
لها ردف تعلّق في لطيف |
|
وذاك الرّدف لي ولها ظلوم |
يعذّبني إذا فكّرت فيه |
|
ويتعبها إذا رامت تقوم |
وقد أطلت عنان النظم ، على أني اكتفيت عن الاستدلال على النهار بالصباح ، فبالله إلّا ما أخبرتني : من شاعركم الذي تقابلون به شاعرا ممّن ذكرت؟ لا أعرف لكم أشهر ذكرا ، وأضخم شعرا ، من أبي العباس الجراوي ، وأولى لكم أن تجحدوا فخره ، وتنسوا ذكره ، فقد كفاكم ما جرى من الفضيحة عليكم في قوله من قصيدة يمدح بها خليفة : [الطويل]
إذا كان أملاك الزمان أراقما |
|
فإنك فيهم دائم الدهر ثعبان (٥) |
__________________
(١) انظر المغرب ج ٢ ص ٢١.
(٢) الكمي : المحارب المدجج بالسلاح. وحمائل السيف : علائقه.
(٣) انظر زاد المسافر ص ١٠١.
(٤) ذكاء : الشمس.
(٥) الأملاك : هنا جمع ملك ،. والأراقم : جمع أرقم ، وهو أخبث الحيات.