ان شاء الله تعالى في المقام الآتي لكان أظهر في مطلوبه ومراده وان قابله من خالفه في ذلك باعتراضه وإيراده.
هذا ، وربما استدل للقول بالتحريم في ماء التمر بموثقة عمار بن موسى عن الصادق (عليهالسلام) (١) : «انه سئل عن النضوح المعتق كيف يصنع به حتى يحل؟ قال خذ ماء التمر فأغله حتى يذهب ثلثا ماء التمر». وموثقته الأخرى عنه (عليهالسلام) (٢) قال : «سألته عن النضوح؟ قال يطبخ التمر حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ثم يمتشطن». وهذه الرواية الثانية هي التي ذكرها في الدروس وظاهره التوقف في الحكم من أجلها ، والنضوح لغة على ما ذكره في النهاية ضرب من الطيب تفوح رائحته ، ونقل الشيخ فخر الدين ابن طريح في مجمع البحرين : ان في كلام بعض الأفاضل النضوح طيب مائع ينقعون التمر والسكر والقرنفل والتفاح والزعفران وأشباه ذلك في قارورة فيها قدر مخصوص من الماء ويشد رأسها ويصبرون أياما حتى ينش ويختمر وهو شائع بين نساء الحرمين الشريفين ، وكيفية تطيب المرأة به ان تحط الأزهار بين شعر رأسها ثم ترش به الأزهار لتشتد رائحتها قال : وفي أحاديث أصحابنا أنهم نهوا نساءهم عن التطيب به بل أمر بإهراقه في البالوعة. انتهى أقول : الظاهر انه أشار بحديث الأمر بالإهراق إلى رواية عيثمة (٣) قال : «دخلت على ابي عبد الله (عليهالسلام) وعنده نساؤه قال فشم رائحة النضوح فقال ما هذا؟ قالوا نضوح يجعل فيه الضياح قال فأمر به فأهريق في البالوعة». أقول : الضياح لغة اللبن الخاثر يجعل فيه الماء ويمزج به ، والظاهر بناء على ما ذكره هذا البعض المنقول عنه كيفية عمل النضوح المؤيد بخبر عيثمة المذكور ان امره (عليهالسلام) بإهراق النضوح انما هو لكونه خمرا وانه نجس كما هو أحد القولين المعتضد بالاخبار كما تقدم تحقيقه ، فيكون وضعه في الرأس موجبا لنجاسته والصلاة في النجاسة حينئذ ، وعلى هذا فتحمل
__________________
(١ و ٣) المروية في الوسائل في الباب ٣٢ من الأشربة المحرمة.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ٣٧ من الأشربة المحرمة.