ان يكون ذلك لأجل حليته بعد ان حرم بالغليان بل يجوز ان يكون لئلا يصير مسكرا بمكثه كما يدل عليه قوله (عليهالسلام) في آخر رواية إسماعيل بن الفضل : «وهو شراب لا يتغير إذا بقي ان شاء الله تعالى» ويجوز ان يكون الخاصية والنفع المترتب عليه لا يحصل إلا بطبخه على الوجه المذكور كما ورد مثله في رواية خليلان بن هشام (١) قال «كتبت الى ابي الحسن (عليهالسلام) جعلت فداك عندنا شراب يسمى الميبة نعمد الى السفرجل فنقشره ونلقيه في الماء ثم نعمد الى العصير فنطبخه على الثلث ثم ندق ذلك السفرجل ونأخذ ماءه ثم نعمد الى ماء هذا الثلث وهذا السفرجل فنلقي عليه المسك والأفاوي والزعفران والعسل فنطبخه حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه أيحل شربه؟ فكتب لا بأس به ما لم يتغير». فان الطبخ على الثلث هنا انما هو لما قلناه من حصول الخاصية وتوقف النفع على ذلك لا للتحليل ، فإنه ليس هنا شيء قد حرم بمجرد الغليان حتى يحتاج في حليته الى ذهاب الثلثين ، ولعله لهذا الوجه اعرض متأخر وأصحابنا عن هذه الأخبار ولم يلتفتوا إليها وان كانت موهمة للتحريم في بادئ النظر كما أشار إليه الفاضل الخراساني في الذخيرة ، حيث قال : واعلم ان في الكافي في باب صفة الشراب الحلال بعض الأخبار الموهمة للتحريم لكن لا دلالة لها عليه عند التأمل الصحيح فارجع وتدبر. انتهى. لكن ربما يلوح التحريم من بعض ألفاظ هذه الأخبار مثل قوله : «كيف يطبخ حتى يصير حلالا» وقوله (عليهالسلام) أيضا : «فإذا كان أيام الصيف وخشيت ان ينش جعلته في تنور مسجور حتى لا ينش» فان النشيش هو صوت الغليان والظاهر من المحافظة عليه بان لا ينش ليس إلا لخوف تحريمه بالغليان ، وقوله في موثقته الثانية «حتى يشرب حلالا» إلا انه يمكن ان يقال ان قوله : «كيف يطبخ حتى يصير حلالا» انما هو من كلام الراوي في سؤاله فلا حجة فيه ، وما ذكر من الاستناد الى قوله «حتى لا ينش» فان فيه انه بعد ذلك أمر بغليانه حتى يذهب ثلثاه فهو وان حرم
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٢٩ من الأشربة المحرمة.