بالنشيش فلا مانع منه لتعقبه بالغليان الموجب للتحليل بعد ذلك. وحينئذ فلعل المحافظة عليه من النشيش انما هو لغرض آخر لا لأنه يحرم بعد ذلك ، فإنه وان حرم لا منافاة فيه لانه لم يجوز استعماله وشربه بعد ذلك وانما أمره بعد ذلك بغلي ذلك الماء الموجب لحرمته الى ان يذهب ثلثاه الموجب لحله ، وحينئذ فلا فرق في حصول التحريم فيه في وقت النشيش ولا في وقت الغليان أخيرا ، مع انه يمكن الطعن في هذين الخبرين ايضا من حيث الراوي وهو عمار لتفرده بروايات الغرائب ونقل الأحكام المخالفة لأصول الشريعة كما طعن عليه في الوافي في مواضع عديدة ، وكيف كان فالخروج بمثل هاتين الروايتين ـ على ما عرفت فيهما من المخالفة عن حكم الأصل وعموم الآيات والروايات الواردة بتفسيرها كما عرفت ـ مشكل.
ومما استند اليه شيخنا أبو الحسن فيما قدمناه من كلامه حديث الزيدين زيد النرسي وزيد الزراد عن الصادق (عليهالسلام) (١) «في الزبيب يدق ويلقى في القدر ويصب عليه الماء؟ قال حرام حتى يذهب ثلثاه. قلت الزبيب كما هو يلقى في القدر؟ قال هو كذلك سواء إذا أدت الحلاوة إلى الماء فقد فسد كلما غلى بنفسه أو بالنار فقد حرم إلا ان يذهب ثلثاه». وقد تقدم ما في هذه الرواية من الطعن في الراوي والأصل المروي منه هذا الخبر.
وكيف كان فالحكم في ماء الزبيب عندي لا يخلو من توقف والاحتياط في تجنبه مما لا ينبغي تركه ولا سيما ان ظاهر الكليني (قدسسره) ربما أشعر بالميل الى العمل بظاهر هذه الأخبار حيث انه عنون الباب بباب صفة الشراب الحلال وذكر الأخبار المذكورة ، وظاهر المفاتيح الميل الى التحريم هنا حيث قال على اثر الكلام الذي قدمنا نقله عنه ما هذا لفظه : «نعم ان صب على الزبيب الماء وطبخ بحيث أدت الحلاوة إلى الماء فيمكن الحاقه بالعصير في التحريم بالغليان كما في الخبر» انتهى. والله العالم
__________________
(١) رواه في مستدرك الوسائل في الباب ٢ من الأشربة المحرمة.