خل العنب فلا بأس به إذا لم يطبخ كالحصرم والزبيب اما مع الطبخ ففيها عندي قلقلة واني احتاط في الفتوى والعمل ، فالاحتياط في اجتناب ذلك للخبر الصحيح «اي عصير مسته النار فهو حرام ما لم يذهب ثلثاه» والعصير وان كان المشهور إطلاقه على عصير العنب فقط إلا ان إطلاقه في الاخبار على ما ذكرناه محتمل لورود تفسير العصير في الأخبار بأنه من الكرم والكرم يطلق على العنب وعلى شجرة ، فإن كان انما يطلق على الأول فلا كلام وان كان يطلق على الثاني فهذا منه ، فيكون الدليل متشابها فتشمل الشبهة كل ما اتخذ من الكرم من حصرم وزبيب ونحوهما مع الغليان ، وان كان ظاهر الأصل الإباحة وعدم التحريم إلا ان في هذا الأصل كلاما والاحتياط أولى ، الى ان قال : وبالجملة فالدليل على التحريم غير قاطع وكذا التحليل فالاجتناب اولى. انتهى كلامه
أقول : لا يخفى عليك ما فيه من الإجمال بل الاختلال الناشئ من الاستعجال وعدم إعطاء التأمل حقه في هذا المجال (أما أولا) فلأن الخبر الصحيح الذي استند اليه تبعا لشيخه الشيخ ابي الحسن المتقدم ذكره قد عرفت ما فيه.
(واما ثانيا) ـ فلان قوله ـ : «وان كان المشهور إطلاقه على عصير العنب فقط» مما يؤذن بكون مستند هذا الإطلاق انما هو مجرد الشهرة ـ مردود بما عرفت في الفائدة الاولى من دلالة الأخبار وكلام أهل اللغة على اختصاص العصير بماء العنب
(واما ثالثا) ـ فان ما ادعاه ـ بعد اعترافه بورود الأخبار بتفسير العصير بأنه من الكرم من ان الكرم يطلق على العنب وعلى شجره ـ مردود بأنه قد نص أهل اللغة على ان الكرم هو العنب ، قال في القاموس : والكرم العنب. وقال الفيومي في المصباح المنير : والكرم وزان فلس : العنب. ومثله في مجمع البحرين ، وفي النهاية الأثيرية قال : وفيه لا تسموا على العنب الكرم فإنما الكرم الرجل المسلم ، قيل سمى الكرم كرما لان الخمر المتخذة منه تحث السخاء والكرم فاشتقوا له منه اسما فكره ان تسمى باسم مأخوذ من الكرم وجعل المؤمن أولى به ، يقال رجل كرم اي كريم وصف بالمصدر كرجل عدل