وضيف ، وقال الزمخشري أراد ان يقرر ويسدد ما في قوله عزوجل : «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ» (١) بطريقة أنيقة ومسلك لطيف وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرما. إلخ ومثله في كتاب الغريبين للهروي وفي كتاب شمس العلوم : الكرم العنب. فهذه كلمات جملة من أساطين أهل اللغة متفقة في اختصاص إطلاقه بالعنب ، وحينئذ فلو سلم إطلاقه في بعض المواضع على الشجر تجوزا فإنه لا يصح ان يترتب عليه حكم شرعي ، ويزيده بيانا موثقة عمار المروية في الكافي والتهذيب عن الصادق (عليهالسلام) (٢) قال : «سألته عن الكرم متى يحل بيعه؟ قال إذا عقد وصار عقودا». والعقود اسم الحصرم بالنبطية ، وحيث قد ثبت اختصاص الكرم بالعنب خاصة في المقام ارتفع الاشتراط في قوله : «فان كان انما يطلق على الأول فلا كلام» وثبت الحكم وهو الحلية في هذه الأشياء وان طبخت كما لا يخفى على ذوي الأفهام وزالت الشبهة وبطل قوله : «وان كان يطلق على الثاني» وآل الى الانعدام ، وبالجملة فروايات العصير لما كانت مختصة بالعنب وهذه خارجة عنه لان الحصرم كما عرفت غير العنب والخل المتخذ من العنب قد خرج عنه إلى حقيقة أخرى كما في الخمر الذي يصير خلا والعصير الذي يصير خمرا ونحوهما فلا يلحقهما حينئذ حكم العصير من التحريم بالغليان حتى يحتاج في حليته الى ذهاب ثلثيه.
(ولو قيل) : ان روايات نزاع إبليس لعنه الله لآدم ونوح (عليهماالسلام) في شجر الكرم واعطائهما له الثلثين منه يعني مما يخرج من هذا الشجر مما يدل على عموم ذلك للعنب والزبيب والحصرم وخل العنب (قلنا) : ان الحكم وان أجمل في تلك الاخبار كما ذكرت إلا ان الأخبار المستفيضة الواردة في عصير العنب كما عرفت يحكم بها على ذلك المجمل ، ويؤيده ما في بعض تلك الأخبار وهو موثقة زرارة (٣) من قوله بعد
__________________
(١) سورة الحجرات. الآية ١٣.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ١ من بيع الثمار.
(٣) ص ١٢٨.